قراءة في أسباب غياب الأردن عن مؤشر قوة المدن العالمي 2024
قال استشاري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني البطش إن غياب المدن الأردنية عن مؤشر قوة المدن العالمي لعام 2024 يعود إلى مجموعة من التحديات الجوهرية التي تواجه المملكة على مختلف الصعد الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا المؤشر، الذي يقيس قوة وتأثير المدن بناءً على معايير متكاملة، يكشف عن نقاط ضعف أساسية تحتاج إلى معالجة لتعزيز تنافسية المدن الأردنية.
وبيّن البطش أن غياب المدن الأردنية عن مؤشر قوة المدن العالمي لعام 2024 يفتح باب النقاش حول تحديات أساسية تعيق تواجدها ضمن هذا التصنيف الذي يُعد معيارًا شاملًا لتقييم قوة وتأثير المدن عالميًا، فهو يركز على معايير رئيسية تشمل الاقتصاد، البحث والتطوير، التفاعل الثقافي، مستوى المعيشة، البيئة، وسهولة الوصول، مضيفًا أن هذه المعايير لا تُقاس بمعزل عن بعضها، بل تعكس صورة متكاملة عن أداء المدن في مختلف المجالات.
ورغم أن الوضع الاقتصادي لبعض الدول المصنفة في المؤشر قد يكون محدودًا أو متراجعًا، إلا أن تميزها في مجالات أخرى، مثل البنية التحتية والبيئة الصالحة، منحها نقاط قوة عززت مكانتها.
على صعيد البحث والتطوير، تعاني المدن الأردنية من محدودية في الإنفاق على البحث العلمي وضعف في إنتاجية الأبحاث والتقنيات الجديدة، والمؤسسات الأكاديمية الأردنية تتمتع بمكانة محترمة إقليميًا، لكنها لم تحقق بعد اختراقات على المستوى العالمي تؤهلها للمنافسة ضمن هذا المجال.
وبيّن أن التفاعل الثقافي يُعد جانبًا حيويًا آخر، فالأردن يمتلك مواقع تراث عالمي شهيرة مثل البتراء ووادي رم، إلا أن عدد السياح الدوليين لا يزال أقل من المتوقع مقارنةً بالقدرات المتاحة، والمدن الأردنية بحاجة إلى تطوير استراتيجيات تسويقية تُبرز هويتها الثقافية والسياحية، مع التركيز على استقطاب المزيد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية.
فيما يتعلق بمستوى المعيشة، تواجه المدن الأردنية تحديات ترتبط بجودة الخدمات العامة، مثل الصحة، والتعليم، والمرافق الأساسية.
وذكر البطش أن المدن الأردنية تعاني من مشكلات بيئية تشمل التلوث ونقص المساحات الخضراء. تبني سياسات بيئية مستدامة تُعزز من جودة الهواء والمياه، وتزيد من الرقعة الخضراء، يمكن أن يشكل نقطة تحول في تحسين موقع المدن الأردنية ضمن المؤشر.
ولفت الانتباه إلى ضرورة تطوير المدن الأردنية حتّى تكون مؤهلة لدخول هذا المؤشر العالمي يتطلب رؤية شاملة تعمل على تعزيز كل الجوانب المذكورة، وتحقيق ذلك يحتاج إلى تضافر الجهود بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد، إذ يجب على كل جهة أن تركز على دورها المحدد، سواء في دعم البحث العلمي، تطوير البنية التحتية، تحسين الخدمات العامة، أو تعزيز الجذب الثقافي والسياحي.
واختتم البطش حديثه بالقول إن غياب المدن الأردنية عن مؤشر قوة المدن العالمي يُعد فرصة لإعادة التفكير في الأولويات الوطنية، ذلك أن الاستثمار في تطوير المدن ككيانات متكاملة تعكس تقدمًا اقتصاديًا، ثقافيًا، وبيئيًا يمكن أن يُحوّل التحديات الحالية إلى قصص نجاح تعزز من مكانة الأردن على الخارطة العالمية.