الأردنيون العالقون في انتماءات ميليشيات مارقة للدماء... خبير يوضح

 

قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن أبناء الأردن يدركون عِظَم المسؤولية التي تنهض بها القوات المسلحة في حماية الحدود، ولا سيما على الجبهة الشمالية الممتدة بطول 375 كيلومترًا.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه المهمة تستنزف موارد بشرية ضخمة وتتطلب تقنيات متقدمة باهظة التكاليف، تصل إلى حد الاستعانة بالطائرات لدرء مخاطر التسلل عبر الحدود، وما يرافقه من تهريب للمخدرات والأسلحة والذخائر.

وفي السياق ذاته، تواصل الأجهزة الأمنية الأردنية، بالتنسيق الوثيق مع القوات المسلحة، تنفيذ عمليات استباقية نوعية تستهدف أوكار الإرهاب والخلايا النائمة التي تترقب الفرص لزعزعة الأمن وتنفيذ أعمال تخريبية، مضيفًا أن التحولات الجيوسياسية الأخيرة، ومن أبرزها سقوط نظام الأسد وبروز "هيئة تحرير الشام" كقوة حاكمة تجمع بين الأذرع العسكرية والكيانات المدنية، طرحت سؤالًا مُلحّ حول مصير الميليشيات المسلحة التي اعتمدت العنف سبيلًا لتحقيق مآربها، وفقًا لما صرّح به الروسان لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وذكر أن عناصر هذه الميليشيات تتألف من جنسيات شتى، بعضها باتت مطاردة من قبل دولهم، ومنها من استمرت في صفوف الجماعات الجهادية ليس اقتناعًا بأيديولوجيتها، بل خوفًا من الملاحقة القانونية أو بسبب تورطهم في أعمال مشينة شوّهت سمعتهم، وإلى جانب هؤلاء، هناك من ينتهج نهجًا نفعيًا صرفًا لتحقيق أهداف شخصية.

ونوّه الروسان إلى أن ما يثير القلق بشكل خاص هو وضع حاملي الجنسية الأردنية ضمن هذه الفئة، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 3000 آلاف فرد، بعضهم يُبدي رغبة في العودة إلى وطنه لأسباب شتى، منها دوافع شخصية كالعلاج أو اعتبارات عائلية، أو نتيجة مراجعات فكرية فرضها تغيُّر المعطيات على الأرض، غير أن هذه العودة لا تخلو من تعقيدات، إذ إن جزءًا من هؤلاء يحظى بدعم وتعاطف من قِبَل شرائح مغرّر بها، تغلب عليها بساطة الفكر، ويستثيرها الخطاب الديني الموجه الذي يضفي شرعية على المقاومة المُضلِّلة.

في المقابل، هناك من تورط منهم في أعمال إجرامية ضد الدولة الأردنية، وغادرها بطرق غير شرعية، ويُعتقد أن بعضهم يواصل التواصل مع خلايا نائمة داخل البلاد، مضيفًا أنه من غير المستبعد تورطهم في عمليات إرهابية سابقة، بل إن بعضهم قاتل في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، وهؤلاء يواجهون اليوم أزمة وجودية في ظل التحولات الجديدة، إذ إنهم يحملون أفكارًا متطرفة وخبرات قتالية متقدمة تجعل إعادة دمجهم في المجتمع الأردني تحديًا بالغ الصعوبة، لما قد يحملونه من تهديد أمني وفكري.
الأردن، كدولة قانون ومؤسسات، يلتزم بالقيم العادلة والمعايير الدولية، وينبذ كل أشكال العنف والتطرف، ويؤمن بالمواطنة الصالحة المبنية على الحقوق والواجبات المتبادلة، ومن هذا المنطلق، فإن عودة هؤلاء الأفراد، إن تمت، يجب أن تخضع لإجراءات شرعية عبر المعابر الرسمية، مع التزامهم بتقديم الوثائق المطلوبة والخضوع للمساءلة القانونية. وفي حال ثبوت تورطهم في جرائم أو ارتباطهم بتنظيمات إرهابية، ستتكفل العدالة بمحاسبتهم وفق القانون.

على الجانب الآخر، يُرجَّح أن يحاول بعض هؤلاء، خاصة ممن لهم سوابق إجرامية، التسلل إلى البلاد بطرق غير مشروعة، رغم الحراسة المشددة التي تفرضها القوات المسلحة على الحدود، كما قد يجدون ملاذًا في دول تعاني من هشاشة أمنية مثل العراق أو ليبيا، أو يظلون في سوريا لمواجهة مصير مجهول.

وأكد الروسان أهمية العمل الجاد والمتكامل بين مؤسسات الأردن الأمنية والعسكرية، مع يقظة دائمة توازن بين صيانة الأمن الوطني وحماية قيم العدالة والإنسانية.