عن مشروع باص عمان والباص السريع
أحمد ملاح
لقد تحدثت عن قضية "المواصلات العامة" في عدة مناسبات، إلا أن اهتمامي المستمر بها ورغبتي الدائمة في تحسين هذا القطاع تجعلني أعود للحديث عن أي جديد يتعلق به. علاقتي بالمواصلات العامة علاقة وثيقة، ولدي العديد من التجارب التي تمنحني القدرة على تقييم هذا المجال بشكلٍ شامل، بدءًا من أيام الجامعة، مروراً بالعمل، وصولاً إلى تجاربي في استخدام وسائل النقل العام في أكثر من 20 دولة حول العالم.
أعتقد أن مشروع "باص عمان والباص السريع" يعد من أنجح المشاريع التي استفاد منها مئات الآلاف من المواطنين، الذين وجدوا في هذا المشروع نقلة نوعية في كيفية التنقل بين الوجهات. الجميع ممن يستخدمون هذه الحافلات اليوم يمكنهم تأكيد ذلك، إذ يقدم المشروع خدمة متطورة ومريحة للمواطنين.
صحيح أن المشروع تأخر لعدة سنوات، وبسبب ذلك لم أكن شخصياً أتوقع نجاحه بالصورة التي نراها اليوم. لكنني أستطيع الآن التعبير عن إعجابي ورضاي عن مدى التقدم الذي أحرزه، خاصة في ما يتعلق بتنظيم حركة المواصلات العامة، وهي المسألة الأهم من وجهة نظري. دقة مواعيد الحافلات، والالتزام بها، وعدد الحافلات المتوفرة، ونظافة الحافلات والمحطات، والخدمات المقدمة فيها، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا في إدارة المشروع، كلها عناصر تجعل هذا المشروع مثالاً جيداً مع وجود بعض الملاحظات التي سترفع من مستوى الخدمة المقدمة.
وبما أنني مهتم أيضاً بالإحصائيات والأرقام، فقد بحثت عن دراسة أو وثيقة تكشف حجم استخدام المواصلات العامة في الأردن، أو على الأقل في العاصمة عمان أو الزرقاء، خلال السنوات الماضية. كان هدفي مقارنة هذه البيانات مع دراسة يمكن إجراؤها حالياً لقياس حجم الاستخدام في الوقت الراهن، وبالتالي تقييم مدى نجاح المشروع بشكل أكثر دقة. لكن للأسف، لم أتمكن من العثور على مثل هذه الدراسات أو الوثائق. لذلك، آمل أن يتم تنفيذ دراسة متكاملة من قبل الجهات المختصة لتحديد عدد مستخدمي المواصلات العامة في الوقت الحالي، ومقارنة ذلك بالمستقبل، خاصة في ظل النية المستمرة لتحسين شبكة المواصلات العامة في جميع أنحاء المملكة.
أود أيضًا الإشارة إلى ملاحظة إضافية في هذا الصدد. من الضروري ربط مواعيد الحافلات، وأماكن المحطات، والتوقفات مع خرائط "جوجل" (Google Maps)، لما لذلك من أهمية كبيرة سواء للمواطنين الأردنيين والمقيمين أو السياح. هذا التكامل يسهم بشكل كبير في تحسين تجربة التنقل، كما يحدث في العديد من الدول المتقدمة التي استخدمت هذه التقنية بفعالية.