تعديلات التأمين.. التوازن مطلوب

 

سلامة الدرعاوي
التعديلات الجديدة التي أعلنها البنك المركزي على نظام التأمين الإلزامي للمركبات تعكس محاولة دقيقة لتحقيق توازن بين أطراف ذات المصالح وهم: المواطن، وشركات التأمين. جوهر القرار، هو رفض البنك لزيادة أقساط التأمين الإلزامي، وهو مطلب أساسي لشركات التأمين، كإشارة واضحة على انحياز لصالح المواطنين، الذين يواجهون ضغوطًا اقتصادية متزايدة، لكن هذا الرفض لم يكن دون مقابل، حيث رافقته مجموعة من الإجراءات التي تضمن الحفاظ على استدامة القطاع التأميني وتخفيف أعباء شركات التأمين التي تحملت وفقاً للبنك، فجوة مالية امتدت لسنوات نتيجة تثبيت الأقساط رغم ارتفاع تكاليف الإصلاح.


التعديلات الجديدة تتسم بوضوح في محاولتها تحسين تجربة المتضرر من حوادث المركبات، فإلزام شركات التأمين بتسوية المطالبات خلال مدة أقصاها خمسة إلى عشرة أيام عمل يمثل تعديلا غير مسبوق على هذه الشركات لتقديم خدمات أسرع وأكثر شفافية، كما أن العقوبات الصارمة، التي تصل إلى غرامات بـ10 آلاف دينار عند التأخير، تعد أداة تنظيمية قوية قد تدفع الشركات إلى تحسين كفاءتها التشغيلية. في الوقت نفسه، يظهر القرار جانبًا تحفيزيًا يهدف إلى تشجيع الالتزام بقواعد المرور عبر تقديم خصم 15 % للسائقين الذين لم يرتكبوا مخالفات، ما يعكس بعدا تربويا مرتبطا بتعزيز السلامة العامة، هذا التحفيز، بجانب فرض غرامات إضافية على المخالفين، يُظهر محاولة واضحة لاستخدام نظام التأمين كأداة لردع السلوكيات الخطرة على الطرقات.


إن تثبيت أقساط التأمين عند مستوياتها الحالية لجميع فئات المركبات، وهو ما يخفف الضغط على الشركات التي طالبت بزيادات تعويضاً عن ارتفاع تكاليف التشغيل، إضافة إلى ذلك، تم السماح بإصلاح المركبات التي لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات في وكالات معتمدة، وهو قرار يبدو موجها لحماية قيمة المركبات الحديثة وتقليل نزاعات التسوية مع المتضررين.
القرار يعكس محاولة مدروسة لتحقيق توازن حساس بين حماية حقوق المواطنين وضمان استدامة قطاع التأمين، لكن يبقى التحدي في التنفيذ الفعلي للتعديلات، وفي الوقت نفسه، نجح البنك في كسب ثقة المواطنين مرهون بقدرته على ضمان التزام الشركات بالتعديلات وإظهار نتائج ملموسة على أرض الواقع.
باختصار، هذه التعديلات تمثل خطوة نوعية نحو تنظيم قطاع التأمين، وضمان استمراريته.