جهود الحكومة في التنمية الاقتصادية المستدامة

 


د. يزن دخل الله حدادين
يشهد الاقتصاد الأردني تحديات معقدة تنبع من عوامل داخلية وخارجية. رغم تنوع القطاع الاقتصادي في المملكة، إلا أن الأردن يواجه مجموعة من التحديات التي تؤثر في النمو المستدام وتسعى الحكومة لمواجهة ذلك سعيًا لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

وفي إطار جهود الحد من العجز المالي، تقوم الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسان باتخاذ العديد من الخطوات والجهود لتنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز استدامته، وذلك في إطار رؤية طويلة الأمد لتحفيز النمو وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. كما تقوم بتحديد أولويات الإنفاق العام، مع التركيز على تمويل القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم. ومن الظاهر أنها تقوم بتطبيق سياسات تقشفية للحد من الإنفاق الحكومي غير الضروري، مع تحسين كفاءة استخدام الموارد العامة. كما يجري تطوير برامج لإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية لتقليل الفاقد في الموارد. وتسعى الحكومة الأردنية إلى تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية وتعزيز قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة والتركيز على بناء بنية تحتية قوية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

الاّ أنه تُعتبر البطالة من أبرز التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، خاصة بين فئة الشباب. ووفقاً للإحصائيات الرسمية، تصل معدلات البطالة إلى مستويات مرتفعة، حيث يعاني العديد من الشباب الخريجين من صعوبة في العثور على وظائف تناسب تخصصاتهم. لكن تعمل الحكومة على تنفيذ برامج تدريبية لتحسين مهارات الشباب، بالإضافة إلى دعم رواد الأعمال عبر توفير تسهيلات لهم. كما تم تطبيق برامج لتشجيع القطاع الخاص على توظيف المزيد من المواطنين في القطاعات المختلفة.

وفي مواجهة مشكلة البطالة، ركزت الإصلاحات الحكومية على تحسين النظام التعليمي وتوفير فرص التدريب المهني للشباب. ويجري تحديث المناهج التعليمية باستمرار لتلبية احتياجات سوق العمل، وتعزيز التدريب المهني والفني لتمكين الشباب من الالتحاق بسوق العمل. كما يتم التركيز على دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية لتعزيز القدرات الرقمية للطلاب.

ومن جانب آخر فإن القطاع الصناعي في الأردن يشهد تراجعًا نسبيًا، رغم الجهود الحكومية لتحفيزه. يواجه هذا القطاع تحديات تتعلق بتراجع القدرة التنافسية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعف وصول المنتجات الأردنية إلى الأسواق العالمية. وعلى الرغم من ذلك، يظل القطاع الصناعي يشمل صناعات أردنية مهمة مثل صناعة الفوسفات والبوتاس وبعض المواد الكيميائية، التي تساهم بشكل كبير في الصادرات الأردنية.

تسعى الحكومة الحالية الى تحسين بيئة الأعمال في الأردن من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتوفير الحوافز للمستثمرين المحليين والدوليين وتحسين مستوى الشفافية في المعاملات التجارية، مع التركيز على الاستثمار في الصناعات التي تساهم في النمو المستدام. ورغم العديد من التحسينات، لا يزال الأردن يواجه تحديات في جذب الاستثمارات الأجنبية، بسبب عدم الاستقرار الإقليمي، وارتفاع تكاليف الإنتاج.

في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تحيط بالمملكة، الاّ أن الأردن يعمل باستمرار على تعزيز إصلاحاته الاقتصادية، وتحقيق تنوع في الاقتصاد الوطني، خاصة في القطاعات التكنولوجية والطاقة المتجددة. وتسعى الحكومة إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال إنشاء حاضنات ومسرعات الأعمال التي توفر الدعم الفني والمالي للأفراد والشركات الناشئة، بالإضافة إلى تنظيم برامج تدريبية وورش عمل تهدف إلى تطوير المهارات الريادية لدى الشباب. وفي السنوات الأخيرة، بدأ الأردن عملياً بالتركيز على التنوع الاقتصادي وتطوير القطاعات غير التقليدية. ولكن النجاح في تحسين الوضع الاقتصادي يتطلب تكاتف جهود الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمع الدولي للتغلب على الصعوبات الاقتصادية وتحقيق استقرار طويل الأجل.

ختاماً الإصلاحات الاقتصادية التي تسعى لها الحكومة الحالية تتسم بالتنوع والشمولية، حيث تشمل تحسين البيئة القانونية، وتعزيز الشمول المالي، وتطوير قطاعات استراتيجية وغير تقليدية، بالإضافة الى تحقيق بعض التقدم في الحد من الدين العام.