من أين استمدت القيادة السورية الجديدة شريعتها؟... خبير يجيب

 

قال أستاذ القانوني الدولي الدكتور عمر العكور إن التركيز في إطار القانون الدولي، على العلاقات التي تجمع بين الدول يتم بوصفها كيانات مستقلة، بغض النظر عن الأشخاص الذين يتولون السلطة أو يمارسون الحكم فيها.

وأوضح لدى حديثه لقناة المملكة، رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الدول في العصور القديمة كانت تُختزل في شخص الحاكم، كما عبّر عن ذلك لويس الرابع عشر بقوله الشهير: "أنا الدولة والدولة أنا"، لكن مع تطور الفكر السياسي والقانوني، أصبح مفهوم الدولة أكثر رسوخًا واستقلالًا عن الأشخاص الذين يديرون شؤونها، وبالتالي.

وبيّن العكور أن تغيير نظام الحكم، أو حتى قيام ثورة وإحلال نظام جديد، لا يؤثر على وجود الدولة القانوني، وبذلك، تظل الدولة، بأصولها والتزاماتها وحقوقها، كيانًا قائمًا لا يتأثر بتبدّل الحكام أو الأيديولوجيات.

وذكر أن رضا الشعب وقبوله للنظام الجديد في القانون الدولي الحديث، يُعد أساسًا لشرعية هذا النظام، وهو ما أكدت عليه محكمة العدل الدولية في أحد قراراتها الاستشارية، فقد أوضحت المحكمة أن نجاح الثورة يمثل دلالة قاطعة على القبول الشعبي بها، ما يمنح النظام الجديد شرعية انتقالية تُعترف بها دوليًا، مضيفًا أن هذا المفهوم يُمكّن الدولة من إبرام الاتفاقيات والمعاهدات مع القيادة الجديدة، دون أن يتغير شيء من حقوقها والتزاماتها القانونية. ويُعامل النظام الجديد وكأنه امتداد للحكومة السابقة، من الناحية القانونية، في سياق الدولة ذاتها.

على سبيل المثال، عندما أقدم الكيان الصهيوني على إنهاء الهدنة مع سوريا بعد اعتداءاته على الجولان وجبل الشيخ، برر موقفه بأن الهدنة قد سقطت نظرًا لأنها أُبرمت مع نظام لم يعد قائمًا، غير أن الجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي ردا بوضوح بأن الدولة لا تنتهي بتغير نظام الحكم فيها، وأن التصرفات القانونية التي أبرمتها الدولة تبقى سارية المفعول ما دامت الدولة قائمة، وهذا المبدأ يؤكد أن استمرار الكيان السياسي للدولة مستقل عن التغيرات الداخلية في نظام الحكم، وفقًا لما صرّح به العكور.

وفيما يتعلق بسوريا، فإن القيادة الجديدة التي أفرزتها الثورة تستمد شرعيتها من رضا الشعب السوري، وهو ما يُعدّ دليلًا على قبول المجتمع بها في المرحلة الانتقالية، مشيرًا إلى أن هذه الشرعية المؤقتة تتيح لها ممارسة صلاحياتها وتمثيل الدولة دوليًا حتى الوصول إلى استحقاقات سياسية كإجراء انتخابات ديمقراطية.

أما الموقف الأردني، فقد تميز بحكمة وبعد نظر، حيث لم يكن متأخرًا كما قد يُظن، بل اعتمد سياسة التريث لفهم مآلات المشهد السوري والدولي، مضيفًا أن الأردن كان في طليعة الدول العربية التي بادرت إلى التواصل مع القيادة السورية الجديدة، مع إدراك عميق لأهمية العلاقة بين البلدين، إذ إن العلاقات بين الدول لا تقوم على المكاسب الآنية فقط، بل تستند إلى رؤية استراتيجية تقوم على المصالح المشتركة.

وفي ظل الواقع السوري، الذي أفرزه صراع دامٍ استمر أكثر من عقد، يسعى الأردن إلى بناء علاقة متوازنة قائمة على التعاون والدعم المشترك، بما يحقق الاستقرار ويُعزز من فرص التنمية الإقليمية، وهذه السياسة الأردنية تتجاوز المصالح الضيقة لتُبرز دورها كمبادر وشريك في إعادة إحياء العلاقات العربية بروح من المسؤولية والتكامل.