ويبقى الحديث عن سوريا


 الراجح - لبنان

درجَ أن يكون موقف القوى الخارجية، سواءً أكانت أوروبية، أمريكية، أم عربية، تجاه أي تغيير حاصل في أي دولة عربية هو تغليب مسألة الاستقرار على استحقاقات التغيير.

يفوِّت العالم الخارجي فرصة حقيقيّة إذا تعامل مع الوضع في سوريا على هذه القاعدة، أي تغليب عامل الاستقرار على استحقاق التغيير الديمقراطي، كما فعل هذا الخارج عندما عمل على إبقاء الأسد تحت عنوان الاستقرار!!

الآن هناك فرصة حقيقية للإقلاع عن هذه النظرية التي أثبتت الأحداث أنها مبنيّة على قصر النظر السياسي. يجب على القوى الدولية والإقليمية أن تعمل وتساعد على أساس أن استقرار سوريا على المدى البعيد مرهون بإقامة نظام ديمقراطي تشارك في بنائه جميع القوى السياسية الجادّة، وبأسرع وقت ممكن، بحيث يتماشى هذا الجهد مع سرعة التطورات والأحداث الجارية التي تتسارع بوتيرة لا تتيح التقاط الأنفاس.

جرى نقاشٌ حول الوضع السوري مع بعض المهتمين بهذا الشأن وتبيّن وجود كمٍّ من الأدبيات والاقتراحات ومشاريع الحلول وأشكال بناء دولة ديمقراطية عصريّة، بالإضافة إلى قرارات دولية أساسية مثل 2118 و2254. أظهرت كل تلك النقاشات أنّ ما حدث أخيراً، ورغم سرعته، إلا أنه تأخر كثيراً إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ اندلاع الثورة السورية!

أما الإجابة على سرعة سقوط نظام بشار الأسد وسرعة هروبه، فلم أجد أفضل من الرواية التاريخية المتعلقة بسقوط بغداد أمام جيش المغول بقيادة هولاكو. ففي تلك الواقعة، كان المستعصم بالله أو المستنصر بالله عبد الله، آخر الخلفاء العباسيين، قد وقع في يد المغول أسيراً، حيث سجنوه لمدة أسبوع دون طعام، ثم أُحْضِرَ إلى هولاكو المقيم في قصر المستعصم، الذي جعل في مدخله حوضا من الذهب الأحمر الخالص ليزيِّن به ساحة القصر. وكان هذا الذهب كل ما جمعه خلفاء بني العباس، وآخرهم المستعصم، خلال خمسة قرون. وبأمر من هولاكو وُضِع الذّهب بعضه فوق بعض، فكان كجبل على جبل.

سأله هولاكو: "هل أنت جائع؟" ثم أدخل رأسه في الذهب وأمره بالأكل. وبعدها رفع رأسه ونظر في عينيه قائلًا: "أتعلم لو أنك أنفقت هذا الذهب وغيره الكثير مما تملكه على جيشك وشعبك، لما كنت أنا وجيشي هنا"!!!