أين تقف رؤية التحديث الاقتصادي اليوم؟

 

قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن رؤية التحديث الاقتصادي الأردني تمثل مشروعًا وطنيًا طموحًا يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في بنية الاقتصاد ومستوى معيشة المواطنين.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الرؤية تستند إلى خطة تنفيذية واضحة تشمل مبادرات ومشاريع محددة بزمن، وتُقدَّر كلفة تنفيذها الإجمالية بـ41.5  مليار دينار، منها 11 مليار دينار تتحملها الحكومة، بينما يُفترض أن يُموِّل القطاع الخاص والمستثمرون المحليون والدوليون باقي المبلغ، أي نحو 30 مليار دينار.

2033: محطة فاصلة في مسار تحقيق الطموحات الاقتصادية

وبيّن عايش أن المرحلة التنفيذية للرؤية تنتهي في عام 2033، حيث يُنتظر أن ترفع معدل النمو الاقتصادي إلى 6.5%، وتحسن مستوى دخل الأفراد الحقيقي بنسبة تتجاوز 3%، إلى جانب استهدافها خلق مليون وظيفة جديدة وتنفيذ مشاريع كبرى تضيف قيمة مضافة للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وهذا يعني أنها ستسهم في تحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع متابعة دقيقة من القيادة الهاشمية لضمان سير العمل وفق المخطط.

وذكر أن تنفيذ الرؤية مجموعة يواجهه مجموعة من التحديات، أبرزها حالة عدم اليقين الإقليمي التي تلقي بظلالها على المناخ الاقتصادي، إذ تشهد المنطقة تحولات سياسية واستراتيجية عميقة تشمل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والتغيرات الجذرية في المشهد السوري، إضافة إلى التوترات الإقليمية الأخرى، وهذه العوامل قد تُربك خطط الاستثمار والتنمية بسبب طبيعتها غير المتوقعة وتأثيرها المباشر على الاقتصاد الوطني.

عبء الضرائب وكلفة الطاقة: عقبات تعيق انطلاقة الاقتصاد الأردني

على الصعيد المحلي، تواجه الرؤية عوائق متجذرة، أبرزها ارتفاع العبء الضريبي وأسعار الفائدة وكُلفة الطاقة، وهي عوامل تُعقِّد البيئة الاستثمارية وتحدُّ من قدرة القطاع الخاص على لعب دوره المحوري في تنفيذ الرؤية، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مضيفًا أن الرؤية تعتمد بشكل كبير على خلق فرص عمل جديدة، لكنها لم تعالج بصورة مباشرة قضية البطالة المتزايدة، حيث يتجاوز عدد العاطلين عن العمل حاليًا 420 ألف شخص، في الوقت الذي يدخل فيه سوق العمل حوالي 100 ألف شاب بشكل سنوي.

ولفت الانتباه إلى أن النمو الاقتصادي المستهدف بنسبة 6.5% يُعد خطوة إيجابية، لكنه قد لا يكون كافيًا لتحقيق تحسن كبير في مستوى معيشة المواطنين، حيث إن رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات أعلى يتطلب مضاعفة معدلات النمو الحالية واستمرارها لعقد كامل على الأقل.

التغيير المطلوب: إعادة صياغة الأولويات وفق المستجدات الإقليمية والدولية

واستطرد عايش قائلًا إن الرؤية تظهر أيضًا حاجة ملحة لإعادة النظر في بعض الجوانب، مثل تأمين مصادر تمويل مستدامة، ووضع خطط مرنة تتيح تعديل الأولويات بناءً على الظروف المتغيرة، ويتطلب ذلك تحسين البيئة الاقتصادية من خلال تخفيف الأعباء الضريبية وخفض كُلفة التمويل والطاقة، مع العمل على تحديث الإطار القانوني والتشريعي لضمان بيئة استثمارية أكثر جاذبية.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه الرؤية وثيقة ناظمة لعمل الحكومات الأردنية، إلا أنها بحاجة إلى تحديث مستمر لتتماشى مع المستجدات، وتنفيذ هذه الرؤية يعتمد على تكامل الجهود بين الحكومة ومجلس النواب والقطاع الخاص، مع إدراك أن التحديات التي تواجهها تتطلب إرادة سياسية قوية وإدارة كفؤة لتجاوز العقبات وتحقيق الأهداف الطموحة.