هل سقوط نظام الأسد حدث يثير القلق بالنسبة للأردن؟... خبير يجيب
خاص
قال المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية الدكتور عمر الرداد إن سقوط نظام الأسد لم يكن حدثًا يثير القلق بالنسبة للأردن، بالنظر إلى التحالف الوثيق بين هذا النظام والقيادة الإيرانية التي حولت سوريا إلى منصة لانطلاق الميليشيات المسلحة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الميليشيات، بدورها، لم تتردد في استهداف الأردن عبر عمليات تهريب ممنهجة للمخدرات والأسلحة، في إطار استراتيجية إيرانية عابرة للحدود تسعى إلى تقويض استقرار الأردن على المستويين الأمني والعسكري. ومع ذلك، فإن صعود قيادة جديدة في سوريا، تحمل خلفيات تنظيمية وأيديولوجية قريبة من تنظيمات متطرفة كـ"القاعدة" و"داعش"، يثير مخاوف أردنية من نوع جديد تتجاوز التهديدات التقليدية.
الموقف الأردني: حذر استراتيجي ومبادئ واضحة
وبيّن الرداد أن التعامل الأردني مع الوضع السوري الجديد يتسم بحذر استراتيجي قائم على جملة من المبادئ التي تشكل إطاراً لسياسته تجاه "سوريا ما بعد الأسد"، وفي مقدمة هذه المبادئ، يأتي تأكيد الأردن على احترام خيارات الشعب السوري، والتحذير من مخاطر الدخول في أتون حرب أهلية جديدة، والعمل على دعم سوريا في العودة إلى مكانتها الطبيعية ضمن فضائها العربي والإسلامي، مضيفًا أن هذه المبادئ أكدتها القيادة الأردنية خلال مشاركاتها في الاجتماعات الدولية والعربية المتعلقة بسوريا، بما فيها اجتماعات العقبة، التي ركزت على ضرورة تفادي مزيد من الانهيار للدولة السورية.
قلق أردني من سيناريوهات الفوضى والتهجير
وذكر أن هناك خشية عميقة في الأوساط الأردنية، من احتمال تفجر فوضى أمنية تؤدي إلى اندلاع حرب أهلية ثانية في سوريا، إذ إن هذه الفوضى قد تنتج موجة جديدة من التهجير الجماعي نحو الأردن، الذي لا يزال يرزح تحت وطأة استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، فنظام الأسد أفشل كل الجهود لإعادتهم إلى وطنهم، ومن هنا، يبقى ملف اللاجئين هاجسًا ثقيلًا.
الجنوب السوري: خط الدفاع الأول للأردن
ونوّه الرداد إلى أن الجنوب السوري بالنسبة للأردن يشكل قضية أمن قومي لا تقبل المساومة.، فالحدود الأردنية السورية، التي تعرضت لسنوات من موجات الفوضى الأمنية والتهريب، تستمر في كونها بؤرة توتر تحتاج إلى إدارة دقيقة، وفي هذا السياق، يبرز احتمال أن يستدعي تفاقم الفوضى في الجنوب السوري تدخلًا عسكريًا أردنيًا يهدف إلى تأمين الحدود ومنع انزلاق الأوضاع إلى مزيد من التعقيد، وهذا القلق المشروع يجعل من الجنوب السوري امتدادًا طبيعيًا للأمن الوطني الأردني، بما يفرض تنسيقًا مستمرًا ورؤية استباقية للتعامل مع التحديات.
وأكد أن السياسة الأردنية تجاه القيادة الجديدة في سوريا تتجسد في حالة "اللايقين"، التي تعكسها المواقف المتحفظة تجاه هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع، فالأردن لا يثق تمامًا في الخطاب الإيجابي الذي تحاول الهيئة تقديمه، رغم انفتاحه الحذر على الرسائل التي تصدر عنها، مضيفًا أن هذا التوازن يفسر زيادة الحشد العسكري الأردني على الحدود، في خطوة تعكس استعداداً للتعامل مع أي طارئ أمني قد يفرضه الوضع المتغير في سوريا.
رؤية الأردن للعلاقات المستقبلية مع سوريا
وأشار الرداد إلى أن الأردن يرى في أي انفتاح رسمي على سوريا الجديدة بأنه يجب أن يكون مشروطًا بقيام دولة سورية ذات سيادة، تلتزم بمبادئ حسن الجوار ولا تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الأردني، ويتطلب هذا الانفتاح تطورات ملموسة على الأرض، تضمن بناء مؤسسات قوية ومستقرة في سوريا، بما يعزز التكامل الإقليمي ويخفف من التوترات العابرة للحدود.
وقال إن المشهد السوري يبقى مفتوحًا على احتمالات متعددة، تفرض على الأردن نهجًا مرنًا يجمع بين الواقعية السياسية، والطموح الاستراتيجي، فالتحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها الأردن نتيجة الأزمة السورية تجعله مطالبًا بمتابعة دقيقة للتطورات، مع تعزيز أدواته الدبلوماسية والعسكرية لضمان تحقيق استقراره الوطني، دون الانزلاق في أزمات إضافية.