تساؤلات قانونية وأخلاقية حول حادثة "دار المسنين"

خاص

قال الخبير القانوني، المحامي الدكتور صخر الخصاونة إن نشر فيديو "دار المسنين" أثار موجةً واسعةً من التساؤلات والنقاشات، لا سيما حول احتمال وجود تقصير أو خلل في الإجراءات المعمول بها.

وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" أن هناك عدد من التساؤلات حول الحادثة، وهي: هل كانت الكاميرات موجودة في المكان؟، وإذا كانت موجودة، هل تم تشغيلها وربطها بغرفة تحكم مختصة تتابع الأحداث بشكل فوري؟، وفي حال اكتشاف الخلل، لماذا لم يُبلَّغ عنه بشكل عاجل؟.

وبين الخصاونة أن ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي كان ينبغي أن يظل في إطار السرية التامة، وفقًا لإجراءات التحقيق التي تضطلع بها الجهات المختصة، وعلى رأسها النيابة العامة.

وأشار إلى أن هذا النشر في جوهره يُعدُّ مخالفةً مزدوجة، قانونية وأخلاقية، لأنه أثّر سلبًا على مسار العدالة، وفتح الباب أمام العامة للتدخل في تحقيقات حساسة يُفترض أن تظل بعيدة عن التداول العام، فالتحقيقات التي تُجريها الشرطة أو النيابة العامة هي بطبيعتها سرية، والاطلاع عليها أو تداول تفاصيلها يُعدّ تجاوزًا يهدد نزاهة الإجراءات القضائية.

وذكر الخصاونة أن نشر مثل هذه المواد يُتيح للعامة فرصة الحديث والنقاش حول قضايا حساسة، ما قد يؤدي إلى تشكيل رأي عام مُسبق يؤثر على مجريات العدالة، وأن الأدهى من ذلك هو عدم مراعاته لمشاعر ذوي الضحايا، سواء كانوا من المتوفين أو المصابين، بغض النظر عن الملابسات المحيطة بالحادثة.


من الناحية القانونية، هذا النشر يُعدّ انتهاكًا صريحًا لأحكام القانون، لأنه يُفضي إلى التأثير على مسار العدالة ويُعتبر في حد ذاته فعلًا جرميًا يستوجب المساءلة، مضيفًا أنه فتح المجال للعامة للحديث حول قضية ما، بينما التحقيقات لا تزال جارية، يُمكن أن يُفضي إلى إفساد عملية التحقيق، خاصة وأن هذه العملية تستند إلى سرية مطلقة. كذلك، نشر صورة الشخص المسنّ المتهم في القضية، حتى مع فرض صحة الاتهامات، يتنافى مع مبدأ أساسي من مبادئ العدالة، وهو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي نهائي، وفقًا لما صرّح به الخصاونة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

واستطرد أن ما حدث كان خرقًا واضحًا للمعايير الأخلاقية والقانونية، وأدى إلى زعزعة خصوصية الأطراف المعنية، كما أعطى مساحة لنشر الشائعات وتأجيج النقاشات غير الموضوعية، إضافة إلى ذلك، تجاهل هذا النشر الأثر النفسي العميق على أسر الضحايا، الذين يعانون بالفعل من صدمة فقدان أحبائهم أو إصابتهم.

ونوّه الخصاونة إلى أن هذا النشر لم يكن موفقًا على الإطلاق، فقد أدى إلى تعميق أزمة العدالة وتداخل عوامل خارجية في مسارها، لذا، لا بد من تعزيز الالتزام بالقوانين التي تحظر نشر التحقيقات السرية، وتوعية المجتمع بخطورة تداول مثل هذه المواد على العدالة وعلى النسيج الأخلاقي للمجتمع بأسره.