الرقابة ودور الرعاية الاجتماعية وأهمية المساءلة
الدكتور هشام نبيل العياصرة
لقد فجعنا اليوم في اندلاع حريق في أحد دور الرعاية للمسنين والذي أدى إلى وفاة ستة نزلاء وإصابة 55 آخرين بين إصابات بالغة وطفيفة، حيث يعتبر هذا تقصير واضح من القائمين على دار الرعاية أنفسهم، وكذلك على المعنيين بذلك في وزارة التنمية الاجتماعية، والتي بدورها صاحبة الصلاحية في ممارسة الرقابة على دور الرعاية ومتابعتها، ومن الواجب محاسبة كل المقصرين، والكشف عن أسباب الحريق وإحالة الجناة سواء كان ذلك بقصد أو من خلال التقصير في واجباتهم إلى القضاء العادل.
ومن هنا يأخذنا الحديث عن أهمية الرقابة على دور الرعاية الاجتماعية باعتبارها عملية حيوية تضمن تقديم خدمات عالية الجودة، بحيث يتم من خلالها التأكد من أن الخدمات المقدمة تتوافق مع المعايير المهنية المحددة في مجال الرعاية الاجتماعية، وكذلك تضمن توفير بيئة آمنة وسليمة للمقيمين، خالية من أي شكل من أشكال الإساءة أو الإهمال، والتأكد من أن الاحتياجات الفردية لكل مقيم يتم تلبيتها بشكل كامل.
كما تحمي الرقابة حقوق المقيمين سواء الحقوق القانونية والتي تضمن احترام حقوق المقيمين القانونية، بما في ذلك حقهم في الرعاية الصحية، والخصوصية، والتواصل مع الآخرين، وكذلك الوقاية من الإساءة، بحيث يتم اكتشاف أي حالات إساءة أو إهمال واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم.
ومن الممكن أن تؤدي الرقابة إلى تحسين الآداء من خلال التقييم المستمر، أي تقييم أداء دور الرعاية بشكل مستمر وتحديد نقاط القوة والضعف، ومن ثم التطوير القائم على اقتراح التعديلات اللازمة لتحسين الخدمات المقدمة.
بينما تعزز مبدأ المساءلة من خلال ضمان الشفافية في جميع العمليات الإدارية والمالية، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو مخالفة للقوانين واللوائح، في حين تساهم أيضاً في بناء الثقة وطمأنة المجتمع بأن المقيمين في دور الرعاية يتلقون الرعاية المناسبة، وتعزيز الثقة في قطاع الرعاية الاجتماعية.
ومن هنا فإن الرقابة تمارس بشكل ذاتي، يقوم بها العاملون في دور الرعاية أنفسهم من خلال تقييم أدائهم، وكذلك الرقابة الخارجية، وهي التي تقوم بها جهات حكومية أو منظمات غير حكومية مختصة، فلا يمكن تجاهل عملية المتابعة والرقابة المستمرة لأن ذلك يكفل استمرار التحسين في جودة الخدمات المقدمة، واكتشاف المشكلات المحتملة في وقت مبكر، واتخاذ الإجراءات اللازمة، والتأكد من امتثال دور الرعاية للقوانين واللوائح المعمول بها، فالرقابة دور الرعاية الاجتماعية هي عملية متكاملة تساهم في ضمان حصول الأفراد المقيمين على الرعاية الكاملة والاحترافية التي يستحقونها.
وخلاصة لذلك فإن على وزارة التنمية الاجتماعية تفعيل رقابتها على جميع دور الرعاية الاجتماعية، وتشكيل فرق ميدانية متغيرة ومتنقلة في كل محافظة، للوقوف على جاهزية دور الرعاية الخاصة والحكومية، والكشف عن طبيعة النزلاء فيها ومشكلاتهم وأمراضهم وتناول علاجهم والحفاظ على كافة حقوقهم وتوفير البيئة الآمنة لهم، حيث ترتفع معدلات البطالة في مجال حملة الشهادات بتخصصات علم الاجتماع والعمل الاجتماعي والتنمية، والتي بدورها تمتلك خريجين بكفاءة متنوعة وتحتاج إلى تدريب وانخراط في المهنة، وإن عدم التعيين والتدريب المستمر والاهتمام بالقطاعات الاجتماعية والوقوف على الحد الأدنى لها سنشهد تعدي على حقوق النزلاء في دور الرعاية وتدني جودة الخدمات التي تقدم لهم.