الدرس الأهم مما حدث في سوريا
سوريا الآن... بلا جيش وبلا رئيس، وبلا مؤسسات وبلا نظام سياسي، كل شيء فيها مؤقت هش مجهول الأفق.
ما حدث في هذا البلد العربي، الذي صدّر عبر كل عهوده شعارات الحرية والوحدة والاشتراكية، وقدّم نفسه على أنه قلب العروبة النابض، وأمل الأمة في الانعتاق من نير الاستعمار القديم والحديث،
ما حدث في هذا البلد الذي حمل كل الشعارات الثقيلة، أن وجد نفسه بمقاييس الدول الحقيقة والنظم، يحتل مكانة الصفر.
كلمة لو لا تصلح ولا يجوز استخدامها في التحليل، الذي يصلح هو ملامسة الحقيقة كما هي، والانتقال منها إلى مهمات استعادة ما فقد.
ليست إسرائيل ولا تركيا ولا روسيا ولا إيران هي المسؤولة عن كل ما حدث، فالمسؤول الأول هو مصادرة دور الشعب في بناء نظامه السياسي الذي يبني البلد ويحميه، وإن لم يكن بإجماعه فبأغلبيته، وحسن إدارة تعددياته.
منذ زمن بعيد لا تعرف بدايته، جرى تزوير فُرض على سوريا بقوة البطش والإرهاب والتخويف، حتى مُسحت شخصية البلد وهويته وملامح مجتمعه، صارت سوريا البعث، سوريا الأسد، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن سميت سوريا الشعب.
الآن توزع الاتهامات من نوع خذلان إيران، وتخلي موسكو وحزب الله، وعدوانية إسرائيل، من قال إن إيران وجدت لتحمي النظام في سوريا، ومن قال أن روسيا كذلك، إن التخلي كان متبادلاً فالنظام تخلى بهروب رئيسه وعائلته، والشعب كان تخلى مكرهاً تحت القمع والتنكيل والتهجير والتضليل.
هذه هي المعادلة، وحين تقع كارثة كبرى في بلد، فتّش عن وضعه الداخلي وليس عن مستثمريه الخارجيين، الذين يأتون للاستثمار ويغادرون حين يرونه خاسراً، ولا يبقى على الأرض سوى مأساة شعب وبلد، هذه هي الحكاية.