اشعار الجواهري حاضرة في زيارة الملك إلى السلط.

 

الدكتور محمود عواد الدباس.

جاءت الزيارة الملكية إلى مدينة السلط ومحافظة البلقاء في وقت حساس . كانت الزيارة  يوم أمس الثلاثاء الموافق ١٠-١٢-٢٠٢٤ م  أي بعد يومين اثنين من سقوط النظام السوري الذي كان في يوم الأحد ٨-١٢-٢٠٢٤م. خلال يومين اثنين من صباح يوم سقوط النظام السوري و مع انتشار أخبار مأساوية جدا  تخص واقع الآلاف من المسجونين والمسجونات منذ عقود في السجون السورية  . فقد أدى ذلك إلى اشتعال الشارع الأردني من حيث المقارنة ما بين النظام السوري السابق هنالك في سوريا و النظام الملكي هنا في الأردن . كانت الإجابة التي اجتمع عليها الغالبية العظمى أن النظام هنا هو صورة عكسية عن النظام هناك خاصة في مجال حجم الحريات و الكرامة الإنسانية و تحديدا  تجاه كبار السن و النساء و الأطفال .  بكل تأكيد أن الحالة العامة الأردنية هذه وجدت انعكاساتها في السلط . فالكل يعلم أن موعد الزيارة الملكية إلى السلط ومحافظة البلقاء هو يوم الثلاثاء في العاشر من كانون الأول . توقع البعض أن يتم تغيير موعد الزيارة نتيجة ما حدث في سوريا . لكن تم حسم القرار فنحن هنا مختلفون  عنهم هنالك . في خلال 48 ساعة اشتعل الشارع السلطي و البلقاوي . حيث أدرك أهالي السلط أنهم محط أنظار جميع الأردنيين. هنا كان العقل الباطن الجمعي لأهالي السلط متجها نحو فكرة سياسية وهو جعل الزيارة الملكية حالة مبايعة سياسية جديدة وليشهد العالم على ذلك . ذلك أن الملك  عبدالله الثاني هو حالة معاكسة لبشار الاسد. والسلط ليست دمشق . في دمشق خرجوا يحتفلون بسقوط النظام . في المقابل في السلط يخرجون بالآلاف للاحتفال برأس النظام . على طول شارع( السرو)  كانت بيوت العشائر و الفعاليات الشعبية تنتظر قدوم الموكب الملكي من أجل  استقباله و التلويح للملك بالتحية مع وجوه  مبتسمة  يرافقها هتافات التأييد والمبايعة  . من حضر هنالك في( السرو)  أو من شاهد الفيديوهات التي سجلت ذلك يرى أن الموكب الملكي كان يمشي الهوينا .فهي  رسالة إلى العالم كله . انظروا الى شعبي فهو معي . في هذا المقام اقول إني منذ عقود لم اشاهد استقبالا شعبيا صادقا للملك عبدالله كما تم يوم أمس الثلاثاء . ولعل أهم شيىء أن ذلك ليس توجيه رسمي بل كان قناعة و محبة من أهالي المدينة و محافظة البلقاء.

كانت  مدرسة السلط الثانوية للبنين هي المحطة الثانية في الزيارة الملكية . ذهب  الملك إلى مدرسة السلط الثانوية. شاهد صور الخريجين المتتالية و سمع هتافات طلبة المدرسة له .  وكتب سطورا في سجل الزائرين . نقول هنا  إن الزيارة  للمدرسة هي تكريم للثانوية الأولى في الأردن والتي بقيت بهذه الصفة طيلة عشرين عاما متواصلة ( ١٩٢٦-١٩٤٦ م). وبالتالي وكنتيجة لذلك فقد كان لها  الدور الكبير و الذي لعبه خريجيها في بناء مؤسسات الدولة في كافة المجالات .مع التذكير أن مدير المدرسة و هو المرحوم عبد القادر التنير هو من لحن قصيدة عاش المليك والتي تعتبر أنها السلام الملكي الذي نبدأ له كل احتفالاتنا .  أيضا  فإن الصورة المشتركة الثنائية للملك وولي العهد على بوابة المدرسة فيها دلالة حب و تقدير لهذه المدرسة و تاريخها العريق .

انتقل للحديث عن المحطة الثالثة في الزيارة الملكية باعتباري كنت موجودا فيها . وهي في نادي المتقاعدين العسكريين مع ممثلي كافة القطاعات و المكونات في مدينة السلط و محافظة البلقاء. هنا أشير  إلى أن  اختيار هذا المكان هو ذو دلالة سياسية من حيث أن العسكر على مختلف درجاتهم و رتبهم هم أساس بناء الدولة و معهم المعلمون . فهنالك يد تعلم ويد تحمي و تحارب . حينما جاء دوري في السلام على الملك. وعملا بمقولة أنه لكل مقام مقال  قررت أن أقول له شيئا .  لذلك و حينما تقدمت للسلام على الملك وكان على يمينه ولي العهد سمو الأمير الحسين. قرأت أمام الملك ثلاثة أبيات شعرية من قصيدة الشاعر محمد مهدي الجواهري التي ألقاها أمام الملك الحسين الباني في ٢-١٢-١٩٩٢ م . قلت للملك أن التاريخ يعيد نفسه و في هذه  القصيدة ابيات مناسبة للمرحلة الحالية . هذه الأبيات التي استمع لها الملك بكل عناية  هي الأبيات الآتية  .

يا مبرىء العلل الجسام بطبه .
تأبى المروءة أن تكون عليلا .
أنا في صميم الضاريعين لربهم 
الا يريد كريهة و جفيلا 
و الضارعات معي مصائر أمة 
الا يعود بها العزيز ذليلا 

ختاما . اقول نحن ومنذ سنوات نواجه إخطارا كثيرة . كما أن كل خطرا منها يأتي أقصى من الخطر الذي سبقه . في ذات الاتجاه فإن واقع الاضطرابات في الإقليم مستمرة و تنذر بخطر اكبر و اكبر . وبالتالي فإن المزيد من التماسك الداخلي يضمن لنا أن تبقى الدولة و يبقى النظام والمؤكد أن تحقق هذا و ذاك فيه ضمانة أساسية للحفاظ على الأمن و الاستقرار و الكرامة الإنسانية على الرغم مما نعاني منه في الجانب الاقتصادي . حمى الله الأردن .حمى الله الملك.