سقوط بشار سوريا : ما هو القادم؟
بقلم: ليث ذياب
سقوط نظام بشار الأسد فجر اليوم يعدّ تحولًا دراميًا غير مسبوق في المشهد السوري والعربي. بعد أكثر من 14 عامًا من الاحتجاجات المستمرة، أطاحت المعارضة المسلحة بالنظام بسرعة مذهلة، حيث سقطت دمشق في أقل من ثلاث ساعات بيد المعارضة السورية التي تقودها هيئة تحرير الشام. ورغم أن نهاية عهد الأسد تمثل تحقيقًا لمطلب شعبي دام لسنوات، إلا أن التوقيت والطريقة التي جرت بها الأحداث تثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل البلاد ووحدتها الجغرافية والسياسية.
على الصعيد الداخلي، يشكل الفراغ السياسي والأمني خطرًا كبيرًا على استقرار سوريا. مع الانقسامات الطائفية والعرقية وهيمنة فصائل مسلحة مثل هيئة تحرير الشام، تبدو سوريا مهددة بالانزلاق في صراعات داخلية شبيهة بما حدث في ليبيا واليمن والعراق. في الوقت نفسه، يظل ملف اللاجئين وإعادة الإعمار أولوية قصوى للحكومة الانتقالية، التي ستحتاج إلى دعم دولي لضمان عودة آمنة وكريمة لملايين السوريين المهجرين.من جهة أخرى، تبدو وحدة سوريا على المحك مع اقتراب إمكانية تقسيمها إلى دويلات اكثر من اي وقت قد مضى، واحتمالية إنشاء دولة كردية أو منح المناطق الكردية حكمًا ذاتيًا موسعًا. هذه التطورات قد تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط وتضع سوريا في قلب تحولات جيوسياسية كبرى.وهو الأمر الأخطر بهذه الثورة على بشار فإقليميًا، سقوط النظام يفتح الباب أمام إعادة تشكيل التحالفات.فمن المتوقع أن يتراجع النفوذ الإيراني، بينما يتوسع دور تركيا وإسرائيل كلاعبين رئيسيين في المنطقة. كما يبرز مستقبل المناطق الكردية كمحور حساس،فقد نرى اسرائيل جديدة بالمنطقة وسط احتمالات إعادة رسم خطوط الحدود اتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت المنطقة منذ قرن.ورغم المخاطر، يحمل سقوط النظام جوانب إيجابية، مثل تحرير آلاف المعتقلين من سجون الأسد وخاصة سجناء سجن صيدنايا وانتهاء هذا الحكم الدكتاتوري المستبد . فسقوط النظام السوري دون مقاومة تذكر، وفي وقتٍ قياسي، قد يوحي بوجود تفاهمات بين القوى الدولية والإقليمية المؤثرة. من المحتمل أن روسيا، التي كانت الداعم الأبرز للنظام، قد قررت التخلي عن بشار الأسد في سياق صفقات أوسع تشمل الحرب في أوكرانيا أو الملف النووي الإيراني خصوصا انها منهكة ومنشغلة بالحرب في أوكرانيا .فلا احد ينكر ان احد اهم أسباب سقوط بشار هو غياب العامل الحاسم وهي روسيا وايران التي كانتا سببا في سقوط بشار، تركيا أيضاً لعبت دوراً محورياً بدعمها لهيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة. إسرائيل بدورها مستفيدة من تغيير النظام، خاصة في ظل احتمالات إقامة علاقات مستقبلية مع النظام الجديد.خصوصا انها استغلت الساعات الاولى من سقوط النظام باحتلال جبل الشيخ وتقدم قواتها في الجولان وايضاً فقدان النظام السوري يمثل ضربة كبيرة لإيران، التي اعتمدت عليه كركيزة في مشروع “الهلال الشيعي”. مع انسحاب القوات الإيرانية وحزب الله من سوريا، يبدو أن نفوذ إيران في المنطقة في تراجع ولو بسيط وهو ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذا المحور.
سقوط النظام يفتح الباب أمام إعادة بناء الدولة السورية بشكل يرضي جميع الأطراف ويحترم حقوق جميع الأفراد ، ولكن ذلك يتطلب خطوات جادة لضمان استقرار البلاد:
1. تشكيل حكومة انتقالية شاملة:
تمثل مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية ، لضمان استمرارية الدولة ومنع الفوضى.
2. صياغة دستور جديد:
يعبر عن تطلعات الشعب السوري ويضمن العدالة والحقوق للجميع.
3. تحقيق العدالة الانتقالية:
فتح ملفات المعتقلين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتقديم تعويضات للمتضررين.
4. إعادة الإعمار:
بدعم دولي وعربي، لإعادة بناء المدن والبنية التحتية التي دُمرت خلال الحرب.
5- إعادة هيكلة الجيش السوري والأجهزة الأمنية السورية على أسس تضمن احترام القانون، العدالة، وحقوق الإنسان.
٦-تعزيز سيادة القانون والمساءلة المجتمعية
إن سقوط نظام بشار الأسد هو نهاية حقبة مظلمة، لكنه بداية لمرحلة تحمل الكثير من التحديات. الطريق أمام السوريين ليس سهلاً، لكن الأمل يبقى في قدرتهم على بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوقهم وتحقق العدالة والاستقرار. فالمطلوب الان التحدي الأكبر للسوريين اليوم هو بناء نظام ديمقراطي يحترم تطلعاتهم ويضمن سيادة القانون، بعيدًا عن الفوضى أو التدخلات الخارجية.بعيدا عن الطائفية والعرقية كما أن الحفاظ على وحدة البلاد وإعادة الإعمار يتطلبان جهودًا جماعية ومساعدات عربية ودولية.فلو لم يتم إنجاح عملية اعادة بناء الدولة السورية ما بعد إسقاط بشار، فسيكون ما حدث بسوريا كما حدث بالماضي مع الليبيون مع معمر القذافي وكما فعل اليمنيون مع علي عبدالله صالح،فقد يتمنى السوريون عودة بشار على كل مساوءه.
عسى أن تكون هذه اللحظة بداية عهد جديد من الحرية والعدالة لسوريا. عاشت سوريا حرة، عربية، أبية.وحفظ الله الوطن العربي.