أين اختفى ماهر الأسد؟
مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على العاصمة دمشق، برزت تساؤلات عديدة حول مصير الشخصيات البارزة في النظام، وعلى رأسها شقيقه اللواء ماهر الأسد، الذي كان يُعتبر أحد أبرز قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام طوال سنوات الحرب.
ووفقًا لتصريحات مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، هناك تكهنات حول مغادرة ماهر الأسد للأراضي السورية بعد انهيار النظام السوري.
وأضاف عبد الرحمن، أن التفاوض كان جارياً مع بشار الأسد بشأن مغادرته سوريا، مساء السبت، وكشف أن شقيقه ماهر الأسد كان يرفض التنحي عن منصبه، مما يضيف مزيدًا من الغموض حول دوره ومستقبله في مرحلة ما بعد سقوط النظام.
ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، اشتهر بدوره المحوري في العمليات العسكرية التي شنها النظام ضد المعارضة، إذ كان يُعتبر أحد الركائز الأساسية التي اعتمد عليها بشار الأسد في قمع الاحتجاجات وحماية النظام من الانهيار. ومع تطورات الأحداث الأخيرة وانهيار النظام، اختفى ماهر عن المشهد العام، مما أثار تكهنات واسعة حول مصيره ومكان وجوده.
تكهنات حول مكان ماهر الأسد
تقارير عدة أشارت إلى أن ماهر الأسد ربما غادر دمشق قبيل سقوطها في يد المعارضة، فيما رجحت مصادر أخرى أنه قد يكون متخفياً داخل سوريا، خاصة في المناطق الجبلية المحصنة التي طالما اعتُبرت ملاذاً آمناً لقادة النظام. وتحدثت بعض الأنباء عن احتمال فراره إلى قاعدة حميميم الروسية، حيث يمكن أن يكون قد لجأ إلى حماية القوات الروسية، التي كانت من أبرز حلفاء النظام خلال الحرب.
من جهة أخرى، تداولت مصادر غير مؤكدة معلومات تفيد بأن ماهر الأسد قد توجه إلى إيران، الحليف الإقليمي الذي قدم دعماً كبيراً للنظام طوال سنوات النزاع. وتُعد إيران وجهة منطقية لقادة النظام، نظراً لوجود شبكة علاقات قوية بين الحرس الثوري الإيراني وكبار قادة الجيش السوري.
ورغم هذه التكهنات، لم يصدر أي تصريح رسمي من المعارضة السورية أو الجهات الدولية حول مصير ماهر الأسد. وأشار بعض المحللين إلى أن اختفاء ماهر قد يكون مدبراً بهدف إعادة ترتيب أوراق النظام المتبقية، أو لتمكينه من لعب دور مستقبلي في حال حدوث تسويات سياسية محتملة.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى مصير ماهر الأسد غامضاً كغيره من الشخصيات البارزة في النظام السوري المنهار. وبينما تحتفل المعارضة السورية بـ"تحرير دمشق"، يبقى السؤال حول مكان ماهر الأسد ودوره المستقبلي معلقاً دون إجابة واضحة.
من هو ماهر الأسد؟
ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، يشغل عدة مناصب بارزة في النظام السوري، حيث يشغل قيادة الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في الجيش السوري. يُعتبر ماهر من الشخصيات الأكثر قسوة في عائلة الأسد، وقد كان له دور بارز في قمع الحركات المعارضة مثل "ربيع دمشق" عام 2000، والانتفاضة الكردية عام 2004، بالإضافة إلى مجزرة صيدنايا في 2008. كما كان اسمه مدرجًا ضمن المتهمين في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
النشأة والتكوين العسكري
وُلد ماهر الأسد في 8 ديسمبر 1968 في دمشق، وهو أصغر أخوة بشار الأسد. نشأ بعيدًا عن الأضواء إلا أنه تخرج من كلية الحربية بعد إتمام دراسته الجامعية في جامعة دمشق. تولى لاحقًا قيادة لواء الحرس الجمهوري بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل الأسد في عام 1994، حيث بدأ يعزز مكانته العسكرية ويكتسب دعمًا كبيرًا من ضباطه.
دوره في النظام السوري
يعد ماهر الأسد من أقرب مستشاري أخيه بشار بعد توليه الرئاسة في عام 2000. لعب دورًا رئيسيًا في قمع الحراك السياسي في سوريا، خاصة في "ربيع دمشق" 2001، كما كان له دور بارز في قمع الانتفاضة الكردية عام 2004. ومع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تولت قواته القمع العنيف للمتظاهرين في عدة مدن سورية، مثل درعا وحمص، مما أدى إلى فرض عقوبات أميركية وأوروبية عليه. عُرف بأنه المسؤول عن مجزرة سجن صيدنايا في 2008، حيث قُتل العديد من السجناء السياسيين في ظروف وحشية.
التورط في تجارة المخدرات
فضلاً عن دوره العسكري، يُعرف ماهر الأسد أيضًا بتورطه في الأنشطة التجارية غير القانونية، وخاصة تجارة الكبتاغون. ووفقًا للتقارير، تسيطر الفرقة الرابعة التي يقودها على تهريب المخدرات، حيث يُتهم ماهر بتمويل هذه العمليات لتحقيق إيرادات غير مشروعة. بسبب هذا الدور، فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات إضافية في عام 2023.
شائعات حول موته
خلال سنوات الحرب في سوريا، انتشرت عدة شائعات حول وفاة ماهر الأسد، كان آخرها في فبراير 2024. هذه الشائعات تزايدت مع غيابه عن الظهور العلني، إلا أن معظمها جرى تكذيبه في وسائل الإعلام السورية.