لماذا ينهار نظام الأسد بسرعة؟
تشهد سوريا تطورات دراماتيكية قد تكون الأكثر تهديداً لبقاء نظام بشار الأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية. ففي الأيام الأخيرة، أحرزت الفصائل المعارضة، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، تقدماً عسكرياً واسعاً، مستولية على مدن وبلدات استراتيجية مثل حلب وحماة.
هذا التقدم يهدد وجود النظام نفسه، بعد انهيار خطوطه الدفاعية بسرعة غير مسبوقة، ما يعكس ضعف التنسيق داخل الجيش السوري وتدهور قدراته القتالية.
وعلى الجانب الاقتصادي، يواجه النظام انهياراً حاداً مع استمرار تدهور قيمة الليرة السورية التي بلغت مستويات قياسية في الهبوط، لتصل إلى 17500 ليرة مقابل الدولار.
ويعاني الشعب السوري من أزمة إنسانية خانقة مع تصاعد معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعيش أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر.
وفي الوقت نفسه، يعتمد النظام على عائدات الجريمة المنظمة، لا سيما تجارة "الكبتاغون"، التي أصبحت أحد مصادر الدخل الأساسية، لكنها تعمق عزلته الدولية وتزيد من معاناة السوريين.
الدعم الخارجي للنظام، الذي كان يوماً ما يشكل شريان الحياة له، بات اليوم شبه غائب. روسيا، التي دعمت النظام لسنوات، أصبحت منشغلة بحربها في أوكرانيا، بينما تواجه إيران تحديات داخلية وخارجية متزايدة. أما "حزب الله"، الحليف الإقليمي الرئيسي، فهو الآخر يواجه ضغوطاً نتيجة صراعاته مع إسرائيل.
هذا الوضع ترك النظام مكشوفاً أمام المعارضة التي استثمرت السنوات الماضية في تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير أسلحتها، بما في ذلك الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة التي أظهرت فعاليتها في المعارك الأخيرة.
داخلياً، يواجه النظام تحديات متزايدة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في مختلف المناطق، والتي تعكس فقدان الأمل لدى السوريين في إمكانية تحسين أوضاعهم تحت حكم الأسد. حتى المناطق التي كان يُعتقد أنها خاضعة لسيطرته التامة، مثل درعا وحمص ودير الزور، بدأت تشهد عودة النشاط المسلح ضد قواته.
في ظل هذه التطورات، يبدو مستقبل النظام غامضاً أكثر من أي وقت مضى. ومع غياب دعم دولي حاسم كتدخل روسيا عام 2015، وتزايد الضغوط العسكرية والشعبية، قد يكون النظام أمام معركة وجودية قد تغير مسار الصراع السوري بأكمله.