الصمادي لـ"أخبار الأردن": 4 سيناريوهات ستمزق سوريا
قال اللواء الركن محمد الصمادي إن المشهد السوري اليوم يعكس تشابكًا معقدًا لمصالح القوى الدولية والإقليمية، التي تتصارع على أرض ممزقة بين أطماع التقسيم ورهانات السيطرة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تركيا، إيران، وإسرائيل هم أبرز اللاعبين الإقليميين الذين يديرون معارك النفوذ تحت مظلة تدخلات دولية متشابكة، وأن هذه التدخلات، التي بدأت كدعم أطراف معينة، تحولت إلى سباق محموم لإعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة.
وبيّن الصمادي أن التصعيد الأخير، الذي جاء بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، يكشف عن تقاطعات المصالح بين اللاعبين الرئيسيين، ففي حين تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في الشمال السوري تحت ستار حماية أمنها القومي، تعمل إسرائيل على تقويض النفوذ الإيراني وضمان بقاء سوريا في حالة ضعف مستدام، وهو ما يخدم رؤيتها الاستراتيجية لإعادة تشكيل المنطقة وفقًا لأهدافها.
جيش النظام السوري: مؤسسة منهارة وأعباء متراكمة
وأشار إلى أن الانهيار الداخلي الذي يعاني منه النظام، سواء على مستوى البنية العسكرية أو الدعم الشعبي، جعله يعتمد بشكل شبه كامل على الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران، والدعم الجوي واللوجستي الروسي، ومع انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا وتزايد الضغوط الدولية على إيران، يبدو النظام السوري معلقًا بخيوط واهنة.
وذكر الصمادي أن عملية السيطرة على معامل الدفاع في حلب كانت نقطة تحول أظهرت عمق هشاشة النظام، كما أن النقص في الذخائر، والانهيارات المتتالية في جبهات حماة وحمص، تشير إلى أن النظام يفتقر إلى القدرة على استعادة زمام الأمور، ما يعزز سيناريو تفكك السلطة المركزية لصالح قوى محلية متعددة النفوذ.
مشروع التقسيم: من نظرية إلى واقع؟
ولفت الانتباه إلى أن النقاش حول تقسيم سوريا لم يعد مجرد تكهنات؛ فهناك مؤشرات متزايدة على توجه دولي لتثبيت كيانات منفصلة على أسس عرقية وطائفية، والتصريحات الإسرائيلية التي تكررت خلال السنوات الماضية حول ضرورة إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة تؤكد أن التقسيم هو جزء من مخطط أوسع لتحييد أي تهديد استراتيجي مستقبلي لإسرائيل.
وقال الصمادي إن القوى الغربية، بدورها، لا تسعى لتحقيق الاستقرار بقدر ما تهدف إلى إبقاء المنطقة في حالة "صراع منخفض الحدة"، مما يسمح لها باستمرار السيطرة على الموارد الطبيعية، وخاصة النفط، والدعم المتفاوت للقوى المحلية، من المعارضة المسلحة إلى القوى الكردية، يعزز هذا الاتجاه، حيث تُستخدم هذه الأطراف كأدوات لتحقيق أهداف دولية دون حل جذري للصراع.
الأردن والمثلث الحدودي: تحديات أمنية ودبلوماسية
ونوّه إلى أن الجنوب السوري بات نقطة ارتكاز لتحديات أمنية إقليمية، حيث يشكل انفلات الأوضاع في مثلث الحدود السورية-الأردنية-العراقية تهديدًا مباشرًا لأمن الأردن، إذ يظهر ذلك من خلال انتشار الميليشيات الشيعية، وعودة نشاط تنظيم داعش في البادية السورية، وتزايد حركة التهريب عبر الحدود.
وحذر الصمادي من أن الأحداث المتسارعة في سوريا تضعها أمام عدة سيناريوهات محتملة هي:
1. تقسيم البلاد إلى كيانات مستقلة: كردية في الشمال، سنية في الوسط، ودرزية في الجنوب، مع تركيز النفوذ الإيراني في جيوب محدودة.
2. ترسيخ مناطق النفوذ دون إعلان رسمي للتقسيم: حيث تستمر القوى الدولية في إدارة الصراع بما يضمن عدم عودة سوريا كدولة مركزية ذات سيادة.
3. تصعيد الفوضى إلى صراع شامل: قد يتخذ شكل حرب أهلية موسعة إذا انهارت آخر ركائز النظام وفقدت الأطراف الخارجية السيطرة على أدواتها المحلية.
4. إعادة بناء النظام ضمن توافق دولي مشروط: يتمثل ذلك في فرض تسويات سياسية قسرية تُبقي على النظام بحده الأدنى لضمان توازن المصالح الدولية.
سوريا بين النار والمجهول
وصرّح الصمادي بأن سوريا اليوم ليست سوى صورة مصغرة لصراع عالمي يدور حول الهيمنة وإعادة التوازنات الإقليمية، فالأطراف الدولية تسعى لإبقاء اللعبة مفتوحة، بينما يتحمل الشعب السوري العبء الأكبر من التداعيات، يكون السؤال المحوري: هل سيؤدي هذا المسار إلى تقسيم دائم يُعيد تشكيل خريطة المنطقة، أم أن هناك فرصة لإنقاذ ما تبقى من الدولة السورية؟.