الخيار النووي وتداعياته

 

حسن البراري

بعد التحولات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأحداث المتسارعة في غزة ولبنان، فضلاً عن الأوضاع المتدهورة في سوريا، وهي كلها تحولات ليست في صالح إيران، أصبحت الأخيرة في موقف صعب للغاية. ففي غزة، تراجع دعمها للفصائل الفلسطينية في ظل تزايد الضغوط العسكرية الإسرائيلية على المقاومة، وفي لبنان تزداد حالة الانقسام الداخلي التي تؤثر على نفوذ حزب الله الذي تجرع انتكاسة كبيرة جدا في الحرب مع دولة الاحتلال. أما في سوريا، فقد شهدت طهران تراجعًا في تأثيرها نتيجة التغيرات العسكرية والسياسية التي شهدتها البلاد، بما في ذلك الانسحاب الجزئي للقوات الروسية وتغير موازين القوى على الأرض والتقدم الكبير لقوات المعارضة السورية على حساب مصالح إيران على وجه التحديد.

خسائر إيران تقريبا على كل الجبهات لا تحتاج إلى اثبات على الرغم من استمرار سياسة الانكار لإيران ومحورها، ومع فقدانها للعديد من أوراق قوتها التقليدية، مثل الأذرع العسكرية في المنطقة، التي كانت تلعب دورًا حيويًا في سياستها الإقليمية، أصبح واضحًا أن إيران قد وصلت إلى مفترق طرق. إذ لم يعد لديها سوى الخيار النووي لتعويض ضعف قوتها الردعية وتأكيد وجودها على الساحة الإقليمية والدولية. فالتحول نحو السلاح النووي يعد خطوة خطيرة بالنسبة لإيران، لكنه قد يكون الخيار الأخير بالنسبة لها لاستعادة قدرتها على التأثير في المعادلات الإقليمية والدولية، في ظل تراجع دورها في محيطها المباشر.

في حال حصول إيران على سلاح نووي، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم العضلة الأمنية في المنطقة، مما يفتح المجال لسباق تسلح نووي إقليمي. فدول مثل السعودية وتركيا ستسعى للحصول على قدرات نووية كإجراء ردعي، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويعزز خطر التصعيد العسكري. وهذا بدوره سيؤدي إلى تغيير جذري في توازنات القوى الإقليمية والدولية.

من الصعب التنبؤ بدقة بكيفية رد إسرائيل في حال امتلاك إيران لسلاح نووي، حيث يعتمد ذلك على التقييمات الأمنية والتطورات السياسية، ما يجعل أي رد محتمل معقدًا وغير قابل للتوقع بسهولة. ومن الصعب أيضا معرفة موقف أمريكا، فهل ستكون ملتزمة باستراتيجية المنع مع إيران، هل سيكون هناك خيارات عسكرية أم الاكتفاء بفرض عقوبات قاسية مع تقوية أسلحة دفاعية وإيجاد حالة من الردع المتبادل الذي قد يعني اعلان دولة الاحتلال امتلاكها للسلاح النووي. للتذكير نصت العقيدة العسكرية لدولة الاحتلال على الغموض النووي وربما تخرج من حالة الغموض وهكذا يدخل الإقليم في حالة سباق نووي.