ضعف الإقبال يُخيّم على سوق الخضار المركزي
محمود غيث
يعاني السوق المركزي للخضار والفواكه في منطقة سحاب "خريبة السوق" من ركود اقتصادي واضح خلال السنوات الأخيرة، مما أثار قلقًا واسعًا لدى التجار والمستهلكين على حد سواء. يظهر هذا الركود في تراجع حركة البيع والشراء، وانخفاض الكميات الواردة إلى السوق، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، وهو ما شكّل تهديدًا لاستقرار السوق كمحور رئيسي لتجارة المنتجات الزراعية في العاصمة عمان.
تشير بيانات أمانة عمان الكبرى إلى أن الكميات الواردة للسوق بلغت في عام 2022 حوالي 865 ألف طن، بمعدل يومي ثابت، إلا أن عام 2023 شهد انخفاضًا بنسبة 12%، لتتراجع الكميات إلى 760 ألف طن، وذلك نتيجة التحديات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج. في عام 2024، وحتى أكتوبر، سجلت الكميات الواردة حوالي 630 ألف طن فقط، وسط توقعات بمزيد من التراجع مع نهاية العام.
في تعليق حول أسباب الركود، أكد سعدي أبو حماد، نقيب تجار ومصدّري الخضار والفواكه، أن ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك الأردني وتغير ثقافة الاستهلاك نحو الاعتماد على الوجبات السريعة والخضار المجمّدة ساهم بشكل كبير في تدهور الأوضاع. وأضاف أن الفجوة الكبيرة بين أسعار الجملة والتجزئة، وارتفاع تكلفة المعيشة، وغياب السيولة النقدية زادت من حدة الأزمة.
وأشار أبو حماد إلى أن التحديات التي تواجه الوسطاء في السوق المركزي تزيد الوضع سوءًا، حيث يتصدرها البيع المباشر من المزارع إلى تاجر التجزئة، بالإضافة إلى ارتفاع الأجور والرواتب دون تعديل العمولة التي يحصل عليها الوسيط. وأكد أن ضعف التحصيل المالي، وتراكم الذمم الهالكة، وغياب التشاركية مع القطاع العام، بجانب التغير المستمر في التعليمات والقوانين، كلها أمور تعيق عمل الوسطاء وتثقل كاهلهم.
من جهته، أوضح تاجر الخضار والفواكه وسام العتال أن غياب السيولة لدى المستهلكين أثر بشكل مباشر على قوتهم الشرائية، مما دفعهم إلى التركيز على شراء الضروريات فقط بكميات محدودة، بدلاً من التنوع في الشراء. وأكد أن الفارق الكبير بين أسعار الجملة وأسعار التجزئة أسهم في رفع الأسعار بشكل كبير، حيث يسعى بائع التجزئة لتحقيق هامش ربح عالٍ.
وأشار العتال إلى أن إلغاء الأسواق الشعبية القديمة، مثل أسواق العبدلي ورأس العين، كان له أثر كبير على المستهلكين، حيث كانت توفر خيارات بأسعار أقل تناسب القدرة الشرائية. وقال إن نقص العرض في السوق اليوم يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما يزيد من الضغط على المستهلكين، ويضعف استجابتهم للشراء.
بدوره، صرح التاجر محمد أبو راس أن السوق يعاني من فائض في كميات البضائع، إلا أن الإقبال عليها ضعيف للغاية. وأوضح قائلاً: "حركة البيع لم تعد كما كانت؛ ارتفاع الأسعار أثقل كاهل المستهلك، ونحن نواجه صعوبة في تصريف البضائع".
ما يزال سوق سحاب المركزي يشكل شريانًا حيويًا للاقتصاد الزراعي في عمان، إلا أنه يواجه اليوم تحديات كبيرة تهدد استقراره واستدامته. يعكس التراجع المستمر في حركة البيع والشراء، إلى جانب انخفاض الكميات الموردة وارتفاع تكاليف التشغيل، أزمة عميقة تحتاج إلى تحرك عاجل على جميع المستويات.
إن الأوضاع الراهنة لا تؤثر فقط على التجار، بل تمتد لتشمل المستهلكين الذين يعتمدون على السوق كمصدر رئيسي للمواد الغذائية. يبقى التعاون الجاد بين القطاعين الحكومي و