لفهم ما يحصل في سوريا حاليا.. إليك هذا التقرير
في هجوم مفاجئ، تمكنت قوات المعارضة السورية من طرد قوات النظام من عشرات البلدات في شمال سوريا، بما في ذلك مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، في غضون ثلاثة أيام فقط. هذا الهجوم الذي يعتبر الأول من نوعه منذ سنوات، يطرح عدة تساؤلات حول ملابساته وتداعياته.
1. كيف وقع الهجوم؟
بدأ الهجوم يوم الأربعاء، عندما شنت قوات من "هيئة تحرير الشام" (التي يهيمن عليها الفرع السوري لتنظيم القاعدة) إلى جانب متمردين تدعمهم تركيا، هجومًا واسعًا على مواقع النظام في محافظة حلب والمناطق المجاورة في إدلب. الهجوم لم يلق مقاومة كبيرة، وفقًا لما ذكره رامي عبد الرحمن، رئيس "مرصد حقوق الإنسان".
في غضون ثلاثة أيام، سيطرت هذه القوات على حوالي 70 بلدة، بما في ذلك معظم أحياء مدينة حلب والمباني الحكومية والسجون. كما استولت على مواقع استراتيجية في إدلب وحماة ومدينة سراقب. يوم الجمعة، وصلت هذه القوات إلى أبواب مدينة حلب بعد تنفيذ هجومين انتحاريين بسيارات مفخخة، لتواصل السيطرة تدريجيا على الأحياء في المدينة. كما تمكنوا من قطع الطريق السريع "إم 5" الذي يربط دمشق بحلب، وهو شريان حيوي للنقل، كما سيطروا على مطار حلب الدولي.
2. ما هي الدفاعات المتاحة للنظام السوري؟
في رد على الهجوم، قامت الطائرات الروسية بشن غارات جوية على مواقع المعارضة، لكن التدخل الروسي كان أقل كثافة في الآونة الأخيرة بسبب انشغال روسيا في الحرب في أوكرانيا. كما تم الإعلان عن وصول المساعدات العسكرية الروسية في الأيام المقبلة. من ناحية أخرى، يعاني حزب الله اللبناني، حليف النظام، من استنزاف قواته بسبب تورطه في حرب ضد إسرائيل، ما ترك النظام السوري في موقف ضعيف.
على الرغم من الهجمات الروسية، أشار الخبراء إلى أن النظام السوري قد يكون في مرحلة "انسحاب استراتيجي"، على أن يعيد تنظيم قواته في الأيام المقبلة.
3. لماذا وقع الهجوم في هذا التوقيت؟
بحسب محمد البشير، رئيس "حكومة هيئة تحرير الشام" في إدلب، فإن الهجوم جاء بعد أن "حشد النظام قواته على جبهات القتال وبدأ في قصف المناطق المدنية"، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. الخبراء يرون أن الهجوم كان يعد له منذ عدة أشهر، وأن التوقيت جاء في سياق جيوسياسي مواتٍ للمتمردين، نظرًا لانشغال حلفاء النظام السوري في صراعات أخرى، مما فتح المجال أمام المعارضة للتحرك.
4. ما ردود الفعل في المنطقة؟
نددت موسكو، على لسان المتحدث باسم الكرملين، بانتهاك "السيادة السورية" جراء الهجوم، ودعت إلى إعادة النظام إلى المناطق التي خسرتها قوات الأسد، وخصوصًا في حلب. من جانبها، نددت إيران بما وصفته "مؤامرة" من الولايات المتحدة وإسرائيل ضد النظام السوري. وفي السياق ذاته، عبرت موسكو عن قلقها الشديد من التصعيد في سوريا خلال محادثات هاتفية بين وزيري الخارجية الروسي والإيراني.
أما تركيا، فقد دعت إلى وقف الهجمات على إدلب، حيث تسيطر على عدة مناطق وتدعم بعض فصائل المعارضة. ويعتقد منتقدو تركيا أنها قد تكون قد أعطت الضوء الأخضر للهجوم.
خلاصة
هذا الهجوم يعتبر تحولا كبيرًا في مسار الصراع السوري، حيث أظهرت المعارضة قدرتها على تحقيق مكاسب ميدانية مهمة في فترة زمنية قصيرة، مما يعكس ضعفًا في قدرة النظام على الرد. التداعيات المحتملة لهذا الهجوم ستكون كبيرة، سواء من ناحية تغيير موازين القوى في المنطقة أو من حيث تأثيره على العلاقات الإقليمية والدولية المعقدة المرتبطة بالأزمة السورية.