بني ارشيد لـ"أخبار الأردن": ترامب مع الحروب ما لم "تستنزف جيب أمريكا"
خاص
قال الأمين العام الرابع السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد إن المتأمل في الفريق الذي تم تشكيله لإدارة البيت الأبيض في السنوات المقبلة، يجد أن توجهاته اليمينية المتطرفة لا تخفى على أحد، بل إن بعض أعضائه يتبنون مواقف متصهينة تتجاوز في تطرفها ما عُرف عن التيار الصهيوني التقليدي نفسه، وهذه التوجهات تعكس رؤية تُنكر الوجود الفلسطيني كمفهوم سياسي وكيان إنساني، في إطار خطط تعمل على إعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مصالح ضيقة ومتشددة.
وتساءل لدى حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية حول ما الذي يتوجب على الدولة الأردنية فعله في الأشهر والسنوات المقبلة لمواجهة تحديات مثل "صفقة القرن"، فهي الصفقة التي قوبلت برفض صارم وحاسم من جلالة الملك، لما حملته من تهديد وجودي للأردن عبر مخططات التهجير القسري للفلسطينيين إلى أراضيه.
وبيّن بني ارشيد أن شخصية ترامب، كما يعرفها الجميع، مثيرة للجدل، وذلك يظهر من خلال ما وصفه لنفسه بـ"المجنون"، معتبرًا أن هذا الجنون يشكل ميزة تُبقي الخصوم في حالة تخبط وعدم يقين، مضيفًا أن عقيدة ترامب تُذكّرنا بنهج الرئيس السابع للولايات المتحدة، أندرو جاكسون، إذ تتسم قراراته بالمفاجأة وعدم القابلية للتنبؤ، وهذه العقلية تؤثر بشكل مباشر على إدارة العلاقات الدولية، وتجعل من "عدم الالتزام المسبق" مبدأ أساسيًا في سياساته.
ونوّه إلى أن ترامب لا يعارض الحروب من حيث المبدأ، لكنه يرفض تحمل تكلفتها، ورؤيته للسياسة الخارجية أقرب إلى إدارة استثمارات تجارية، حيث يُطالب الحلفاء بدفع مقابل الحماية الأمريكية، فعلى سبيل المثال، عندما طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن تكون الرياض أول وجهة خارجية لترامب، اشترط الأخير توفير استثمارات ضخمة بقيمة 450 مليار دولار، متجاوزًا بذلك العُرف الدبلوماسي الذي يجعل بريطانيا عادة الوجهة الأولى للرؤساء الأمريكيين.
أما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فإن توجهات ترامب تنذر بتحولات جذرية، إذا استمر في نهجه القائم على تحميل الدول الأخرى تكلفة السياسات الأمريكية، فإن إسرائيل، التي تعتمد اعتمادًا شبه كامل على الدعمين الأمريكي والأوروبي، قد تتحول إلى عبء استراتيجي على الولايات المتحدة، وهذه النقطة تحديدًا قد تكون لها انعكاسات بعيدة المدى، خاصة إذا استمر تراجع الدعم غير المشروط لإسرائيل، كما أظهرت معركة "طوفان الأقصى"، التي كان للدعم الأمريكي فيها دور أساسي في استمرارها.
وأشار بني ارشيد إلى أن ترامب يسعى أيضًا إلى تقويض ما يُعرف بـ"الدولة العميقة"، التي ترسخت عبر عقود في الولايات المتحدة، مستهدفًا مؤسسات أمنية وسياسية مثل "FBI" وغيرها، وهذه المحاولات قد تُعيد تشكيل النظام الأمريكي نفسه، وهو ما قد ينعكس على مكانة الولايات المتحدة العالمية، وعلى دورها في الشرق الأوسط.
وأكد ضرورة استعداد الدولة الأردنية لمرحلة تتسم بعدم اليقين، عبر تعزيز جبهتها الداخلية، وتحقيق توافق وطني شامل يُحصّنها من الضغوط الإقليمية والدولية، فالتعامل مع إدارة ترامب يتطلب مرونة دبلوماسية وقراءة دقيقة لمعادلة المصالح المتغيرة، حيث لا مجال إلا لبناء موقف صلب يستند إلى وحدة الصف الداخلي ورؤية استراتيجية بعيدة المدى.