ما هي الملاحق السرية في هدنة لبنان؟
قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي، إن دعوة الرجل الأول في حزب الله نعيم قاسم، الحكومة اللبنانية إلى إجراء تدقيق معمق وشامل للاتفاقيات القائمة، تأتي وسط تزايد الشكوك بشأن وجود ملاحق سرية مرفقة بالاتفاقية، لم يتم الإعلان عنها علنًا أو مشاركة تفاصيلها مع جميع الأطراف المعنية، إذ تشير بعض التحليلات إلى أن هذه الملاحق قد تمنح الطيران الإسرائيلي صلاحيات قانونية لاختراق الأجواء اللبنانية تحت ذرائع المراقبة أو التدخل، ما يُعد سابقة خطيرة تهدد الأمن الوطني وتفتح الباب لانتهاكات مبررة قانونيًا.
وأوضح البستنجي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن هدنة لبنان تعيد تشكيل المعادلات الإقليمية وتترك غزة وحيدة في مواجهة المجهول، فمع مشهدٍ إقليميّ متشابك، تُدير الأطراف الفاعلة لعبة المصالح الاستراتيجية، بينما تُترك غزة لتواجه مصيرًا مجهولًا، يُطارد سكانها القتل، والدمار، والتهجير.
وبيّن أن إيران تعمل بحذر على إعادة ضبط علاقتها مع الغرب بشأن برنامجها النووي، ولكنها تدرك أن الحفاظ على موقعها الإقليمي لا يمر إلا عبر تثبيت أذرعها، وعلى رأسها حزب الله، لتستغل بذلك طهران فترة الهدنة كفسحةٍ لاختبار سياسات الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
وذكر البستنجي أن الاتفاق الراهن يظلّ مليئًا بالألغام السياسية؛ فالمواجهة قد تتجدّد في أي لحظة إذا شعرت إيران بأن مصالحها الحيوية مُهددة، وفي هذا السياق، قد نشهد عودة للصراع المباشر بين إيران وإسرائيل، مع تصعيد متبادل يعيد إنتاج أزمات المنطقة بصورة أكثر خطورة.
في المقابل، ترى إسرائيل في الهدنة فرصة سانحة لتركيز عملياتها على قطاع غزة، حيث تسعى لزيادة الضغط العسكري على حماس في الشمال، كما تهدف إلى استغلال هذه الفترة لإعادة دراسة المشهد الإقليمي وتحديد سبل التعاون مع إدارة ترامب، وفقًا لما صرّح به لـ"أخبار الأردن".
وأشار البستنجي إلى أن قضية الأسرى تمثل أولوية قصوى لرئيس الوزراء نتنياهو، الذي يبحث عن انتصار سياسي أو عسكري يعزز موقفه الداخلي، فمن جهة، قد يلجأ إلى عملية عسكرية كبرى لتحرير الأسرى، ومن جهة أخرى يلوّح باستخدام القضية كوسيلة للضغط على خصومه السياسيين والعسكريين، وصولًا إلى مطالبته باستقالة رئيس الأركان هاليفي إذا فشلت العمليات، وهذه التصريحات العلنية تُظهر جانبًا من استراتيجية نتنياهو الذي يتقن استخدام "ورقة الجوكر" لإدارة الأزمات.
أما حزب الله، فيبدو أنه ينحني للعاصفة الحالية محاولًا استعادة توازنه السياسي والشعبي، مدركًا أن خروجه من دائرة المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل سيُترجم بتراجع دوره كجزء من "وحدة الساحات"، وهو تراجع يبدو مستعدًا لقبوله، فمنذ البداية، لم يكن الحزب منخرطًا بشكل كافٍ في هذا النهج، وتركّزت أولوياته على الداخل اللبناني وتحالفاته الإقليمية وموقع الطائفة الشيعية.
في هذا الإطار، يدفع الحزب تدريجيًا نحو "طلاق هادئ" مع القضية الفلسطينية، متذرّعًا بأن أولوياته تظل مرتبطة بلبنان وسوريا، ما يضمن له الحفاظ على توازناته مع مرور الوقت.
وأكد البستنجي أن القوى الإقليمية تُعيد صياغة استراتيجياتها بعيدًا عن غزة، في وقتٍ يُواجه القطاع الشمالي كارثة إنسانية خانقة، بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة لليوم الخمسين، مع ما أدت إليه من تدمير واسع النطاق، وتهجير الآلاف، وتحويل مناطق بأكملها إلى مدن أشباح، فبلدة بيت حانون، على سبيل المثال، أُخليت بالكامل لتكون أول مدينة في غزة تفقد نبض الحياة بشكل كامل، وفيما يستمر القتل والدمار، تُركت غزة دون أي دعم حقيقي، لتدفع وحدها ثمن صراعات الآخرين وتوازناتهم السياسية.