من الذئاب المنفردة إلى خلايا الظل.. هذا ما يتصدى له الأردن
خاص
قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن الحادثة الأليمة التي وقعت الأحد الماضي، حينما أقدم أحد يمتلك سجلًا من السوابق الإجرامية على استهداف رجال الأمن في اعتداء مسلّح منفرد، ورغم كونها حادثًا معزولًا من حيث التنفيذ، إلا أنّ خلفياتها وأبعادها تشير إلى ظاهرة باتت تُعرف عالميًا بـ"الذئب المنفرد".
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الظاهرة تمثّل تجسيدًا لشخص يتبنى أيديولوجيات متطرفة وينفّذ أفعالًا عنيفة مستوحاة من جماعات أو حركات أيديولوجية.
وبيّن الروسان أن هذا الاعتداء يعيد إلى الأذهان الجهود الاستباقية التي بذلتها الأجهزة الأمنية الأردنية في كشف وإحباط مخططات إرهابية، بما في ذلك ضبط المتفجرات والأسلحة المخزّنة التي كانت معدّة لاستهداف أمن الأردن واستقراره، وعلى الرغم من أن الجهة التي تقف خلف مثل هذه الأفعال قد تختلف في الشكل أو التوجّه، فإن الهدف يبقى واحدًا: زعزعة أمن هذا الوطن الآمن وإرباك استقراره الذي نعتز به.
ونوّه إلى أنّ استهداف دورية أمنية يحمل رمزية معينة تندرج ضمن محاولات منظّمة تسعى إلى زعزعة أمن المملكة، مستغلّة الظروف الإقليمية والدولية، مضيفًا أن هذه الشبكات التخريبية، التي تعمل سرًا عبر تجنيد العملاء وتكوين خلايا نائمة، تهدف إلى استغلال حالة الانشغال الوطني الأردني بدعم الأشقاء في قطاع غزة، الذين يعانون من ويلات العدوان، وبالمبادرات الإنسانية والدبلوماسية الرامية إلى إنهاء النزاع وتقديم الإغاثة.
ورغم هذه التحديات، تواصل الأجهزة الأمنية أداء دورها المحوري بكفاءة عالية، فهي لا تكتفي بالتصدي للخطر حين وقوعه، بل تعتمد نهجًا استباقيًا مبنيًا على المراقبة الدقيقة للحركات المشبوهة، ما يضمن وأد الأخطار في مهدها قبل أن تستفحل، إلا أن هذه الجهود، على أهميتها، لا يمكن أن تؤتي ثمارها الكاملة دون مشاركة المواطن، الذي يُعد جزءًا لا يتجزأ من المنظومة الأمنية، وفقًا لما صرّح به الروسان لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأكد أن المواطن الواعي والمتعاون، بدءًا من الفرد والأسرة، ووصولًا إلى مؤسسات المجتمع المدني، يمثل خط الدفاع الأول ضد محاولات العبث بأمن الوطن، كما أن ضبط الخطاب الإلكتروني ومراقبة ما يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي بات ضرورة ملحّ، إذ إن الفضاء الافتراضي أصبح مسرحًا لنشر دعوات التطرف وتضليل العقول، ما يستدعي تضافر الجهود القانونية والاجتماعية للحد من هذه الظواهر الخبيثة، التي تهدف إلى غسل الأدمغة وزرع الفوضى.
وأشار الروسان إلى أن تماسك الجبهة الداخلية في خضم هذه التحديات، يظلّ الأساس المتين الذي يقوم عليه صرح الأمن الوطني، فوحدة الصف الأردني، المتجسدة في الانتماء الصادق والالتفاف حول القيادة الحكيمة، هي الحصن الذي يحمي الوطن من كل محاولة تستهدف استقراره، ومع عزيمة الأردنيين وإخلاصهم، سيبقى الأردن شامخًا، وطنًا للإنجاز، ونبراسًا للكرامة، وسدًّا منيعًا في وجه كل المؤامرات.