أرجوكم انتباه..
طلال غنيمات
زمان كنا نقول إن الأسرة والمدرسة والحارة شركاء في تربية النشء، وبعضنا ما يزال يظن ذلك، ما لا يدركه البعض ويرفض الاعتراف به هو أن التربية والتنشئة لم تعد بيد هؤلاء، فهناك اليوم من له اليد العليا في بناء شخصيات وأفكار أبنائنا ونحن غافلون.
قد لا يكون ما أكتب سراً، لكنه الخوف والقلق من غفلة عن الأطفال وانشغالات نصحو منها يوماً ونحن أمام أبناء لا نعرفهم ولا يشبهوننا، وبحسب آخر الدراسات، الأبناء يقضون ساعات طويلة في عالم الإنترنت، وهو ما جاء في دراسة لمؤسسة إنقاذ الطفل في الأردن ومضمونها أن 76.7% من الفئة العمرية 10-17 عامًا يستخدمون الإنترنت يوميًا، وتزداد هذه النسبة بشكل ملحوظ لدى الفئة الأكبر سناً.
هذا التسارع والتطور التكنولوجي وتغلغل العالم الرقمي في مختلف جوانب حياتنا اليومية أصبح تأثيره واضحاً وملموساً على تنشئة أطفالنا وتشكيل شخصياتهم، وهذا ما كشفت عنه الدراسة، إذ إن 15.8% من الأطفال بين سن 10 و17 عاماً تعرضوا لإحدى صور الإساءة الرقمية، مثل التنمر الإلكتروني، قرصنة الحسابات، والابتزاز.
وبالتأكيد، هذه النتائج لا تقتصر على إظهار حجم المخاطر فقط، فهي تسلط الضوء على فجوة كبيرة في وعي أولياء الأمور حول هذه القضايا، إذ إن الدراسة بينت أن نحو 75% من الأهالي لم يكونوا على علم بتعرض أطفالهم لأي نوع من العنف الرقمي.
اليوم صارت التكنولوجيا شريكاً في تربية الأولاد وهي أحد العناصر الفاعلة في عملية التنشئة الاجتماعية، أما في الماضي، فكان الحال أقل تعقيداً.
فالمحتوى الرقمي الذي يتعرض له الأطفال يؤثر بشكل مباشر على سلوكياتهم وأفكارهم، وهو ما أشار إليه بعض أولياء الأمور من ملاحظتهم لسلوكيات غريبة أو ألفاظ جديدة لدى أطفالهم دون معرفة مصدرها.
في كثير من الأحيان، يكون مصدر هذه التأثيرات هو الإنترنت، الذي بات يغذي عقول الأطفال بمعلومات وسلوكيات وأفكار تفوق قدرتهم على الفهم والتمييز، ولا تشبه مجتمعنا، لكن الأخطر من ذلك هو أن التنمر الإلكتروني والابتزاز الذي يتعرض له الأطفال في هذه المرحلة العمرية الحرجة قد يترك ندوباً نفسية طويلة الأمد.
مواجهة هذه التحديات تتطلب من أولياء الأمور وعياً متزايداً بمخاطر العالم الرقمي، إلى جانب جهود مجتمعية متكاملة تهدف إلى توعية الأطفال وتوفير بيئة رقمية آمنة، فهذه الجرائم الإلكترونية التي تستهدفهم، سواء من خلال التنمر أو الابتزاز، تمثل تهديداً خطيراُ يحتاج إلى استجابة فورية ومسؤولة لحماية هذا الجيل وضمان تنشئة صحية ومتوازنة لهم.
كما أن التوسع في مناهج التربية الإعلامية التي كان الأردن رائداً في تطبيقها هي أيضاً جزء من الحل.
وسط هذا الضجيج الإلكتروني والخطر الافتراضي نحتاج إلى وعي أكبر وحلول تواكب هذا التحدي الذي يهدد الأجيال والمجتمعات.
أرجوكم انتباه..