روسيا وأوكرانيا.. الأزمة تتفاقم والنووي على الطاولة
صرّح الخبير الأمني والعسكري الدكتور عمر الرداد بأن الضربة الروسية الأخيرة، التي استخدمت فيها موسكو صواريخ فرط صوتية لاستهداف مجمع صناعي في غرب أوكرانيا، تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز مجرد الرد على التصعيد الميداني، وكأنه يقول: من أراد إمساك الذئب عليه ألا يخاف مخالبه.
وأوضح الرداد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الخطوة تأتي في سياق رد موسكو على الضوء الأخضر الأميركي الممنوح لأوكرانيا لاستخدام صواريخ بعيدة المدى، مثل "أتاكمز" الأميركية و"ستورم شادو" البريطانية، لضرب العمق الروسي، في تجاوزٍ غير مسبوق لقواعد الاشتباك التقليدية.
وأكد الرداد أن الرسائل الروسية المبطنة تتجاوز أوكرانيا لتصل إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، في محاولة لإبراز تفوقها التكنولوجي وإمكاناتها الصاروخية، ومع ذلك، فإن حدود الرد الروسي ما تزال غير واضحة، إذ يبقى السؤال مطروحًا: هل ستكتفي روسيا بهذه الضربات المحدودة أم ستُقدم على خطوات أكثر جرأة قد تشمل تغيير قواعد استخدام الأسلحة النووية؟
وأشار إلى أن التهديدات الروسية باستخدام القوة النووية، التي كررها ديمتري ميدفيديف منذ بداية الحرب، لا تزال مستبعدة على المدى القريب، إذ يرجع ذلك إلى حسابات استراتيجية معقدة تدرك فيها موسكو، كما الغرب، خطورة اتساع نطاق الحرب، إلا أنه لا يمكن إغفال أن هذا الخيار قد يكون مطروحًا ضمن سيناريوهات بعيدة المدى إذا تصاعدت الاستفزازات الغربية أو استُهدف العمق الروسي بشكل أوسع.
على الصعيد السياسي، أشار الرداد إلى أن التصعيد الحالي يرتبط بتوجهات الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس بايدن، التي تسعى إلى إحراز مكاسب استراتيجية قبل نهاية ولايتها، إذ تتخذ الإدارة موقفًا متشددًا من موسكو، بهدف إعاقة أي تقارب محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، المعروف بمواقفه البراغماتية تجاه روسيا.
وأضاف أن واشنطن تدفع نحو تعقيد المشهد الميداني، ما قد يُشكل عقبة أمام أي صفقات أو تفاهمات مستقبلية بين بوتين وترامب، في حال عودة الأخير إلى البيت الأبيض.
ووفقًا الرداد، فإن القيادة الروسية تُدرك الأبعاد الجيوسياسية لهذه التطورات، ما يجعلها أكثر حرصًا على ضبط إيقاع التصعيد ضمن حدود مدروسة، فموسكو تعتمد استراتيجية الردع التدريجي لإظهار قدراتها العسكرية دون الانجرار إلى مواجهة شاملة، ومع ذلك، فإن استمرار الضغوط الغربية، ولا سيما الهجمات على العمق الروسي، قد يدفع روسيا إلى تغيير قواعد اللعبة، خاصة إذا رأت في هذه الضغوط تهديدًا وجوديًا.
ونوّه إلى أن الاحتفالية الروسية بضرب دنيبرو الأوكرانية هو تأكيد روسيا على جاهزيتها العسكرية وإصرارها على إيصال رسائل ردع واضحة.