مؤشرات خطرة وبارقة أمل

 

حسن البراري

حتى عندما يخيم الظلام على ما نراه من العالم، علينا أن نتذكر أن النجوم، رغم غيابها عن العين، لا تزال هناك في مكان ما، تنتظر لحظة انبلاج الفجر. فلا نفقد الأمل، فكما أن كل شتاء يخبئ في جوفه ربيعًا، كذلك كل ألم يحمل بذور الشفاء، وكل طريق مسدود له مخرجٌ جديد، لا نراه إلا إذا صبرنا وانتظرنا.

لذلك، لا بد أن تثير الفزع (عند من يحرضون على مصالح شعوب المنطقة) عودة المستفز ترامب واختياراته شخصيات الحكم ممن عرف عنهم الولاء المطلق له والعداء المطلق للعرب والمسلمين والتأييد المطلق للمشروع الفاشي الكولونيالي في فلسطين. ويقينا، سنعيش قريبا فترة صعبة يكون فيه الواقع مجرد مسرحية غريبة لا تعنينا كثيرا، فنقف كالمتفرج، ذلك أن السياسات الأمريكية تبدو كأنها تعبير عن قوة لا تعرف الرحمة ولا تستهدف سوى مصالحها الذاتية، وقد يُنظَر إلى العرب في ظل إدارة ترامب الثانية كأشخاص لا قدرة لهم على التأثير في مجريات الأمور بعد أن أصبحوا مجرد "شخصيات عابرة" في مسرح السياسة العالمية.

علاقات ترامب مع الأنظمة الحاكمة في المنطقة ستستمر على الأرجح في نفس الاتجاه الذي اختطه في ولايته الأولى، حيث ستكون المصالح الاقتصادية والعسكرية هي الدافع الأول، بينما ستظل قضايا مثل الحقوق الفلسطينية أو الديمقراطية في العالم العربي على الهامش، وقد نشعر بأننا  مجرد شهود على صفقات وصفقات لا حول لنا فيها ولا قوة. وسيتابع أولياء أمورنا من محيطنا إلى خليجنا الأحداث كمتفرج بليد لا يستطيعون تغيير مسارها أو التأثير فيها. كأنهم يعيشون في عالم موازي لا يستجيب لمطالبهم أو آمالهم، عالم تشبه فيه سياسات ترامب بمارد يسحق آمال المنطقة تحت قدميه، دون أن يلتفت لحقيقة معاناتها.

لكن في النهاية، يبقى الأمل في أن يجد العرب طريقًا للخروج من هذا "الغرب" السياسي، وأن تكون تلك الغربة التي يعيشونها بداية لفهم أعمق لطريقهم نحو التغيير. وأخيرا، لا أصدق وادق من كلمات خالق الكون " أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". هذه الآية الكريمة التي نزلت بلسان عربي مبين لم يفهمها أصحاب اللغة وجرّاس بيانها وفهمها الآخر وتسيد!

لن ينهض ربعنا من رماد يأسهم إلا إذا اجتثوا جذور الذل من قلوبهم، وأشعلوا نار الإرادة في عقولهم. التغيير لا يرحب بالضعفاء، بل بالذين يعيدون تشكيل مصيرهم من بين أطلال بلادتهم ويصرون على النهوض من جديد.