خبيران عسكريان: هذا ما يفعله المهربون لتشتيت حرس الحدود

 

قال العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن وتيرة عمليات تهريب المخدرات تصاعدت على الواجهتين الشمالية والجنوبية للأردن في الآونة الأخيرة، ما يشكل تهديدًا جسيمًا للأمن الوطني الأردني، خاصة مع اقتران تهريب المخدرات بتهريب الأسلحة التي تستهدف الخلايا النائمة في الداخل، كما أن تزايد انتشار المخدرات بين الشباب يُلقي بظلاله السلبية على المجتمع الأردني المحافظ، ويهدد أمنه الاجتماعي واستقراره.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الميليشيات تسعى إلى استغلال الفوضى الإقليمية وتفاقم النزاعات في المنطقة، مستفيدة من انشغال الأردن بملفات أمنية معقدة، من بينها تداعيات الصراع في غزة، واستمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب سوريا، مضيفًا أن تراجع الدور الميداني الروسي في سوريا وعدم تعاون الجانب السوري في ضبط الحدود، أسهم في زيادة وتيرة عمليات التهريب التي تستهدف الأردن.

وبيّن الروسان أن الأردن - وباعتباره دولة ذات موقع جيوسياسي بالغ الأهمية - يجد نفسه في قلب دائرة النار الإقليمية، ما يعرض جبهته الداخلية لتهديدات دائمة، وقد تحولت عمليات تهريب المخدرات إلى حرب بالوكالة، تستخدم فيها ثلاثية المخدرات، والميليشيات، والطائرات المسيّرة بهدف استنزاف الموارد الأردنية وضرب النسيج الداخلي، وتحقيق مكاسب مالية ضخمة.

ونوّه إلى أن هذه الشبكات الممولة والمجهزة تبتكر وسائل تهريب معقدة وأكثر دقة، تعتمد فيها على الطائرات المسيّرة والبالونات الكبيرة، إلى جانب الدواب، والآليات المدولبة، كما تستغل التضاريس الوعرة، والأحوال الجوية كظروف الضباب الكثيف لتكرار محاولات التهريب، مشيرًا إلى أن فرق التهريب تنقسم إلى عدة مجموعات تتألف كل مجموعة من ١٠ إلى ٢٠ عنصرًا، حيث تتولى فرق استطلاعية مهمة رصد الحدود، فيما تقوم فرق أخرى بتشتيت انتباه حرس الحدود، ليتحرك فريق ثالث لتنفيذ عملية التهريب، ويُعتقد أن هذه العمليات تتم بدعم مباشر من أجهزة مخابرات تابعة للنظام السوري، بما فيها المخابرات الجوية والأمن العسكري، وبالتنسيق مع الفرقة الرابعة التي تشرف على عمليات إنتاج المخدرات وتصديرها، إلى جانب اعتماد النظام السوري لآلية "الترفيق"؛ وهي نظام يضمن مرافقة المنتجات المهربة من نقاط إنتاجها حتى الخروج عبر الحدود، لا سيما تلك القادمة من منطقة البقاع اللبنانية والمصانع الموجودة على الحدود السورية - اللبنانية.

وفي مواجهة هذه التحديات، يتبنى الأردن سياسة حازمة للدفاع عن حدوده قد تصل إلى تغيير قواعد الاشتباك، بما في ذلك استخدام القوة القصوى لحماية الأمن الوطني، مستندًا في هذه الاستراتيجية إلى إمكاناته الأمنية المتقدمة، وعلاقاته الإقليمية، والمبادرات العربية التي تسعى إلى تعزيز التعاون الأمني، إلى جانب فتح قنوات دبلوماسية مع سوريا، وقد تشمل الخطط الاستراتيجية أيضًا المطالبة بإنشاء منطقة عازلة لتأمين الحدود بشكل مستدام، وهو إجراء يتطلب توافقًا دوليًا وجهودًا عسكرية مشتركة، وفقًا لما صرّح به الروسان لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

وأكد أن حرس الحدود الأردني يبذل جهودًا جبارة في مواجهة هذه التحديات، مستفيدًا من منظومة إلكترونية متكاملة تشمل كاميرات ليلية ونهارية، وأجهزة رادار متطورة، إضافة إلى طلعات جوية داعمة لتأمين الحدود، مستطردًا بأن القوات المسلحة الأردنية، والأجهزة الأمنية الأخرى أثبتت كفاءتها العالية في حماية حدود المملكة والتصدي لمحاولات التسلل والتهريب، حيث تتابع العمل باستمرار للحفاظ على الأمن المجتمعي والاقتصادي، إلا أن المخدرات تظل أحد أخطر التهديدات للأمن الأردني، إذ تؤدي إلى تبعات سلبية بعيدة المدى على الاقتصاد الوطني والأمن الاجتماعي، ما يستدعي استمرار الجهود الأمنية والوقائية الشاملة لحماية الأردن من هذه التحديات المتزايدة.


من جانبه، قال الخبير الأمني والاستراتيجيّ الدكتور بشير الدعجه إن الأردن يواجه مجموعة من التحديات الأمنية المعقدة والمتصاعدة على حدوده الشمالية والشرقية، حيث تشهد المنطقة تصاعدًا ملحوظًا في نشاطات الميليشيات المسلحة، وفي تهديدات التهريب المنظم للمخدرات والأسلحة.

وأوضح أن هذا التصعيد يعود إلى عدد من العوامل الجوهرية، أبرزها حالة الانفلات الأمني المتزايد في المناطق الحدودية السورية والعراقية، واستغلال بعض الفصائل المسلحة هذه الهشاشة الأمنية لتحقيق مكاسب مادية وسياسية، ما يعزز من نفوذها في المنطقة عبر السيطرة على تجارة المخدرات العابرة للحدود.

ونوّه الدعجه إلى أن هذه الميليشيات تشتمل على فصائل مسلحة مدعومة من جهات إقليمية تسعى إلى ترسيخ وجودها العسكري والسياسي في المنطقة، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تعميق نفوذها وتوسيع دائرة تأثيرها الجغرافي، إذ تعتمد هذه الفصائل بشكل كبير على تجارة المخدرات عبر الحدود الأردنية، التي تُعد نقطة انطلاق رئيسية لتهريب المخدرات إلى أسواق إقليمية ودولية أوسع، ما يجعل من الأردن هدفًا استراتيجيًا ومحورًا أساسيًا لهذا النشاط غير القانوني.

وذكر أن هذه الجماعات المسلحة تركز نشاطها في مناطق جنوب سوريا القريبة من الحدود الأردنية، مستغلة موقع الأردن الجغرافي كمنفذ مثالي لنقل المواد الممنوعة إلى مناطق أبعد، وتُعتبر هذه الأنشطة جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لبعض الأطراف التي تسعى إلى تحقيق أهداف جيوسياسية معقدة، منها زعزعة الاستقرار الإقليمي وإضعاف مواقع الدول المجاورة، وبذلك، تُعد تجارة المخدرات إحدى الأدوات الاقتصادية التي تدعم هذه الجماعات في مساعيها لتأمين تمويل مستدام لأنشطتها، بما يضمن استمرار تأثيرها ونفوذها العسكري والسياسي.

وقال الدعجه إن الحجاة هنا تبرز الاستجابة الأردنية كعامل حاسم، حيث تعمل القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية على أعلى مستويات الاستعداد والجاهزية لمواجهة هذه التهديدات المتصاعدة، وتستند استراتيجية الأردن في تأمين حدوده إلى منظومات مراقبة متطورة تشمل طائرات بدون طيار، وأجهزة استشعار دقيقة لرصد التحركات المشبوهة على طول الشريط الحدودي، مدعومة بوحدات عسكرية مدربة على الاشتباك الفوري مع أي خروقات أو تهديدات محتملة.

واختتم حديثه بالقول إن هذه التدابير الأمنية تهدف إلى حماية السيادة الأردنية، وإفشال أي محاولات للتسلل أو التهريب، معبرةً عن التزام الأردن الواضح بردع أي محاولات لإضعاف أمنه الإقليمي عبر استراتيجيات مدروسة وإجراءات أمنية رادعة، كما تحمل هذه الاستعدادات رسالة قوية إلى الجهات المعادية، مفادها أن أي اعتداء أو اختراق سيُقابل برد حازم وقوي، بما يضمن الحفاظ على الاستقرار الداخلي وصدّ أي تهديدات قد تستهدف المملكة أو دورها الإقليمي المتوازن.