لماذا هذا القرار الآن؟!.. وهل رفع الجمارك على السيارات الكهربائية.. يخدم الأردن أم يضرّه؟!

 

محمود الدباس - ابو الليث

قرار الحكومة الأردنية برفع الجمارك على السيارات الكهربائية بنسبة تصل إلى 40%.. لبعض الفئات لم يمر مرور الكرام.. فبينما تتخذ بعض الدول الغربية.. خطوات مشابهة لرفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية لحماية صناعاتها المحلية من تدفق المنافسة الصينية.. فإن الوضع في الأردن يبدو أكثر تعقيداً.. إذ لا نملك صناعة سيارات محلية تتطلب هذا النوع من الحماية.. مما يطرح تساؤلات عميقة حول دوافع القرار وآثاره..

ومع تسليط الضوء على القرار الأوروبي.. الذي فرض رسوماً جمركية تصل إلى 27.5% على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين.. إلى جانب القرار الأمريكي الذي يماثله.. نجد أن المبرر هناك هو حماية سوق ضخم ومتجذر وواعد للصناعة المحلية.. بل هو جزء من صراع اقتصادي مع قوة صاعدة كالصين.. فهل يمكننا إسقاط نفس المبرر على الأردن؟!.. وهل هناك ما يستدعي التضييق على هذا السوق الصغير.. الذي بالكاد بدأ يستوعب السيارات الكهربائية؟!..

أما من منظور بيئي.. فالسيارات الكهربائية كانت الأمل في تقليص انبعاثات الغازات الضارة.. والتي تستهلك الصحة العامة.. وتزيد من أعباء النظام الصحي.. ووفقاً لنظرية "المنفعة الاجتماعية".. فإن القرارات الحكومية يجب أن تتجه نحو تحقيق المنافع العامة.. وتقليل الأضرار على المجتمع.. لا أن تثقل كاهله بمزيد من التكاليف.. وإن رفع الجمارك على السيارات الكهربائية.. سيؤدي حتماً إلى عزوف المواطنين عن شرائها لصالح السيارات التقليدية الأكثر تلويثاً.. ما يهدد بمزيد من التدهور البيئي.. وزيادة نسب التلوث بشكل مباشر..

ومن الناحية الاقتصادية.. هذا القرار سيضرب قطاعاً واسعاً من التجار.. الذين سبق وأن استوردوا هذه السيارات.. أملاً في بيئة استثمارية مشجعة.. فالتراجع المتوقع في الطلب.. سيؤدي إلى تكدس المخزون.. وسيكون لذلك أثر مضاعف على الاقتصاد.. إذ أن هذه السيارات تُشترى غالباً عبر قروض مصرفية.. ومع قلة الطلب.. سيتراجع هذا النوع من التمويل.. ما قد يخلق حالة من الركود.. ليس فقط في سوق السيارات.. بل أيضاً في قطاع المصارف.. الذي يعتمد بشكل كبير على تمويل شراء السيارات.. وبالنظر إلى نظرية "الأثر الاقتصادي المضاعف".. فإن انخفاض المبيعات والطلب.. ينعكس سلباً على مختلف القطاعات المرتبطة.. مثل شركات التأمين.. وقطاع الطاقة الذي سيفقد فرصة توفير الوقود في حال استمرت السيارات التقليدية في السيطرة على الشوارع..

بناءً على هذه الحقائق.. نجد أن القرار يتطلب إعادة تقييم دقيقة من قبل صناع القرار.. إذ أن انعكاساته لا تقتصر على الجانب المالي.. بل تطال جوانب أخرى متشابكة في الاقتصاد الأردني والمجتمع.. من البيئة.. إلى الصحة العامة.. إلى التجارة.. مما يستدعي توضيح أسبابه الحقيقية.. وطرح مراجعة دقيقة لجدواه..

وكإجراء طارئ. نوصي بألا تشمل الزيادة الجمركية السيارات التي تم شراؤها وشحنها قبل صدور القرار.. فهذا الاستثناء سيخفف من الضرر الواقع على التجار.. ويعكس استجابة إيجابية من الحكومة لمصلحة السوق والمجتمع في آنٍ واحد.. ما سيعزز ثقة المستثمر والمستهلك على حد سواء.. ويُظهر مرونة الحكومة في التعامل مع تأثيرات القرارات الاقتصادية الكبيرة..