مَنْ يفك طلاسم النفط في الأردن؟!

   أسامة الرنتيسي 

جرعة التفاؤل التي تسربت إلى شرايين الأردنيين بعد بشرى خبر الغاز واكتشاف كميات تجارية في حقل الريشة، أدعو الله أن لا تضيع الفرحة كما ضاعت في مرات سابقة.

الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي وضع “أرجلا من فولاذ” لجرعة التفاؤل عندما أكد “أن الحديث عن وجود 9.3 تريليون قدم مكعب من احتياط الغاز في حقل الريشة كما ورد في تصريحات الحكومة، يحملها مسؤوليات كبيرة، مشيرا إلى أن هذه الكمية تكفي لتلبية احتياجات الأردن من الغاز لمدة 80 عاما.

وأن القيمة السوقية لهذه الكمية من الغاز تقدر بنحو 70 مليار دولار”.

ملف النفط في الأردن ما أن يُغلق حتى يُفتح من جديد، كأن قدر الأردنيين أن يبقى حلم منافع النفط يراودهم كلما ضاقت عليهم الأحوال، لكن من دون أن يروا ذلك حقيقة.

في 7 /7 / 2021، عاش الأردنيون أسبوعا من الحيرة والفكاهة بعدما أهدت وزيرة الطاقة السابقة هالة الزواتي قنينة نفط ساخنة لرئيس الوزراء السابق الدكتور بشر الخصاونة من إنتاج حقل حمزة بعد رفع تأهيله وزيادة قدرته الإنتاجية.

للأسف؛ غادرت زواتي منصبها، وغادر الخصاونة ولا نعرف مصير زجاجة النفط، ولم نعد نسمع من يومها معلومة جديدة عن الحقل.

حكاية النفط والغاز، تعيد من جديد طرح السؤال الذي لا يقتنع نصف الأردنيين بالإجابة عنه، المتعلق بحقيقة وجود النفط في الأردن، وهو لا ينسجم أبدا مع آراء متخصصين في مجال الطاقة والنفط الذين يؤكدون دائما منذ عشرات السنين، وجود شواهد على توفر النفط في الأردن.

بين فترة وأخرى يرتفع الحديث عن وجود النفط في الأردن، خاصة أن أكثر رواية متماسكة كانت تتحدث عن وجود كميات كبيرة من النفط، إلا أن اكتشافاته مرتبطة بالتسوية السياسية وإيجاد حل ما للقضية الفلسطينية، لأن تركيز وجود النفط في الأردن يأتي في منطقة مجاورة لفلسطين وما سمي زورا وبهتانا “بإسرائيل”، وفي البحر الميت تحديدا، فالقصة سياسية وليست اقتصادية.

وروايات أخرى لمختصين تتمتع بمصداقية، تؤكد أن في أرضنا كميات كبيرة من النفط، لكنها غير تجارية، ولنا في تقرير الشركة الكورية قبل سنوات – التي نقبت عن النفط في الأردن – شهادة حية على ما يجري في هذا الملف من غموض يفتح مئات الأسئلة.

قصة النفط في الأردن، قضية علمية بالتأكيد، لكن ما وقع خلال السنوات الماضية في هذا الملف يطرح مئات الأسئلة، أبسطها كيف تستثمر شركات عالمية متخصصة في الطاقة، مئات ملايين الدنانير، إن لم تصل إلى المليارات في البحث عن النفط في الأردن، ومع هذا تقوم الجهات الحكومية بإغلاق الملف قبل انتهائه.

هل تذكرون القضية التي وصلت إلى التحكيم الدُّولي بين الحكومة من جهة، وشركة ترانس جلوبال الأمريكية التي كانت مكلفة بالتنقيب عن النفط في الأردن، عندما أنهت الحكومة عقدها، فرفعت قضية ضد الحكومة الأردنية لتعويضها أو تمديد عقدها للعمل في الأردن، لاعتمادها على صحة فرضية وجود النفط بكميات تجارية.

الغريب أن الشركة الأمريكية تطالب بتمديد عقدها، والحكومة في وقتها ترى أن توقعات الشركة الأمريكية مجرد تكهنات، حتى أن خبيرا نفطيا قال يومها: ” إن هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها حكومة تنفي احتمالية وجود النفط في بلادها، في الوقت الذي تعلن فيه شركة نفطية وجود مثل ذلك النفط”.

الشركة الأمريكية طالبت الحكومة ممثلة بسلطة المصادر الطبيعية بتعويض قيمته 700 مليون دينار عما لحق بها من أضرار من جراء إيقافها عن العمل في منطقة امتيازها “حوض البحر الميت”، فهل يمكن بعد ذلك أن نعتبر القضية فقط تحت بند التكهنات؟.

معذرة..طويل شوي، أقصد المقال، ولن أعيدها مرة أخرى..

الدايم الله….