الشوبكي لـ"أخبار الأردن": الحكومة ورطت نفسها بشأن الغاز

 

قال خبير الطاقة عامر الشوبكي، إن الرقم الصادر عن الحكومة الأردنية حول احتياطات الغاز الطبيعي صادم، ويحمل في طياته أبعادًا اقتصادية هائلة، فقد تحدثت عن وجود احتياطي يقدر بـ 9.4 تريليون قدم مكعب يعني قيمة سوقية تقترب من 70 مليار دولار، وهذا المبلغ الهائل، في حال تحقق، قد يمكّن الأردن من سداد كامل ديونه ويؤمّن له اكتفاءً ذاتيًا من الغاز الطبيعي لمدة تصل إلى 80 عامًا.

وأوضح الشوبكي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن هذا الإعلان يتناقض بوضوح مع بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة؛ فقد أقدمت الحكومة على استئجار سفينة عائمة لاستيراد الغاز المسال، وهي خطوة تتعارض مع فكرة وجود احتياطي محلي هائل يلبي احتياجات البلاد، مضيفًا أن استمرار استئجار السفن يكلف الدولة مبالغ طائلة، حيث إن السفينة العائمة وحدها تكلّف حوالي 60 مليون دولار سنويًا، مع أن مجموع مدفوعات الحكومة لاستئجارها قد تجاوز بالفعل ثمن شراء السفينة ذاتها، ومع ذلك ما زالت مستأجرة وتُستخدم في ميناء العقبة.

ومن التناقضات أيضًا، أشار الشوبكي إلى قيام الحكومة بزيادة أسعار الكهرباء عدة مرات حتى أصبح الأردن أعلى دول المنطقة من حيث تكلفة الكهرباء، وهذا الارتفاع يتعارض مع ادعاء الحكومة بوجود احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي؛ إذ يعتمد الأردن بنسبة 75% من توليد الكهرباء على الغاز الطبيعي و25% على مصادر الطاقة المتجددة، ومع هذا، نجد المواطن يتحمل عبئًا ماليًا متزايدًا في ظل تصريحات رسمية تشير إلى وفرة موارد الطاقة.

ونوّه إلى أن التصريحات الحكومية المتعلقة باحتياطيات الغاز الكثير تستدعي من التثبت؛ فعلميًا، يتم حساب الاحتياطات المؤكدة بعد الانتهاء من مرحلة التطوير والبدء بالإنتاج، وحقل الريشة، الذي يُعد المصدر الرئيسي لهذا الاكتشاف، ما زال في مرحلة الاستكشاف، ولم يدخل بعد في مرحلة التطوير التي تؤهل عرضه للاستثمار الأجنبي ومن ثم البدء بالإنتاج، فلو كان الأردن قد وصل فعلًا إلى مرحلة متقدمة في تطوير هذا الحقل، لماذا لم يتم طرحه على المستثمرين الأجانب حتى الآن كما يحدث في أغلب الحقول العالمية؟.

وأكد أن التصريحات الحكومية بحاجة إلى مراجعة وتدقيق، بل وربما توضع ضمن دائرة الادعاءات التي تهدف إلى إظهار "انتصارات" قد تكون بعيدة عن الواقع، وهو ما يثير التساؤلات حول مسؤولية الجهات الرسمية عن توجيه المواطنين نحو تصورات قد لا تستند إلى أسس راسخة.

إضافة إلى ذلك، فإن هذه التصريحات قد تؤثر سلبًا على قدرة الأردن في الحصول على مساعدات ومنح خارجية، إذ تعطي انطباعًا خاطئًا حول وفرة الثروات المحلية، وقد شهدنا في السنوات الماضية تصريحات مشابهة حول اكتشاف كميات من النفط في الأردن، حيث قُدّرت سابقًا بنحو 2000 برميل يوميًا، ليتضح فيما بعد أن الإنتاج الفعلي لا يتجاوز 200 برميل فقط يوميا، وقد قامت الحكومة قبل عام بإغلاق حقل الريشة قبل أن تضطر لإعادة فتحه تحت ضغط كشف هذه الحقائق.

واختتم الشوبكي حديثه بالقول إن مثل هذه التصريحات تستدعي مراجعة دقيقة والتزامًا بالشفافية، والمصداقية في القضايا الاقتصادية الحساسة، لما لها من انعكاسات على مصداقية الدولة وثقة المواطنين، فضلًا عن تأثيرها في فرص البلاد للحصول على الدعم الدولي الضروري لاستقرار اقتصادها ونموه.