هل قطع الأردن شوطًا في مضمار الذكاء الاصطناعي؟... الحفناوي يجيب

 

قال استشاري التحول الرقمي والتقنيات الحديثة المهندس بلال الحفناوي، إن هجرة الأدمغة والعقول أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن في سعيه لتحقيق تقدم حقيقي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، ما يؤكد ضرورة إيجاد بيئة محلية جاذبة تساهم في إبقاء العقول المبدعة.

وأوضح الحفناوي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن بعض الكفاءات الأردنية الشابة، مع ما تمتلكه من مهارات متقدمة في مجالات متعددة، تغادر البلاد بحثًا عن فرص أفضل، ما يشكل تهديدًا للاستثمار في العقول المحلية ويضعف قدرة الأردن على الاستفادة من إمكانياته الداخلية في تحفيز التقدم العلمي والتكنولوجي.

وبيّن الحفناوي أن الأردن شهد مؤخرًا خطوات مهمة نحو بناء قاعدة معرفية وبحثية في الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية هذه التقنية، إلى جانب ما يمتلكه الأردن من شريحة شابة كبيرة تمتلك إمكانيات كبيرة في التكنولوجيا، إلا أن العائق الرئيسي الذي يواجه هذا القطاع يكمن في قلة التمويل الموجه للأبحاث والتطوير في هذا المجال، مما يعوق تحقيق قفزات نوعية.

ولفت الانتباه إلى أن الحكومة الأردنية أطلقت الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2023-2027)، والميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو تنظيم هذا القطاع الناشئ، كما أن الجامعات الأردنية تسعى إلى تأهيل كوادر علمية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، من خلال برامج دراسات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مراكز البحث الناشئة التي تركز على تطوير هذا المجال.

ونوه الحفناوي إلى أن البيئة المحلية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الشركات التكنولوجية المتقدمة التي توفر بيئة حاضنة للابتكار وتمنح العقول المحلية الخبرة العملية اللازمة لتحقيق التقدم في البحث والتطوير.

أما فيما يتعلق بتعزيز الاستقلالية التكنولوجية، فإن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة مهمة لتحقيق هذا الهدف، ومن خلال توظيف هذه التقنية في قطاعات حيوية مثل الزراعة، وإدارة المياه، والطاقة، يمكن للأردن تقليل اعتماده على التكنولوجيا المستوردة، وتطوير حلول محلية مبتكرة تلائم احتياجات السوق المحلي، مضيفًا أن هذه الاستراتيجية من شأنها أن تعزز الابتكار المحلي، وتحفز الشركات الناشئة على تطوير حلول تقنية تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتعزز من السيادة التكنولوجية.

وأكد الحفناوي أن الوعي الحكومي يتزايد بأهمية الذكاء الاصطناعي، إذ بات واضحًا أن الحكومة الأردنية تسعى جاهدة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات واتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية دقيقة، وهو ما يعكس رؤية استراتيجية تتجه نحو استخدام هذه التقنيات لزيادة فعالية السياسات العامة.

في الوقت نفسه، حذّر من المخاوف الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومن أبرز هذه المخاوف القضايا المتعلقة بالخصوصية، حيث يثير جمع البيانات الشخصية وتحليلها تساؤلات حول حماية حقوق الأفراد، بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلى اتخاذ قرارات متحيزة في حال لم تتم مراعاة المعايير الأخلاقية في تطويرها، وهناك أيضًا قلق اجتماعي بشأن فقدان الوظائف في بعض القطاعات، إذ قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تقليص عدد الوظائف المتاحة للبشر.

وللتعامل مع هذه القضايا، أشار الحفناوي إلى أن الحكومة الأردنية اعتمدت عددًا من التدابير القانونية والأخلاقية، منها قانون حماية البيانات الشخصية الذي ينظم استخدام البيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي ويضمن الخصوصية، إلى جانب إطلاقها الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والذي يعد خطوة مهمة نحو ضمان أن تواكب التطبيقات التكنولوجية المعايير الأخلاقية المتبعة، إضافة إلى ذلك، تواصل الحكومة جهودها لنشر الوعي بالمخاطر الأخلاقية والاجتماعية للذكاء الاصطناعي، من خلال تنظيم حملات توعية وورش عمل تستهدف جميع فئات المجتمع.

وفيما يتعلق بتوفيق جهود تطوير الذكاء الاصطناعي مع محدودية الموارد، دعا الجهات المختصة تحديد القطاعات الأكثر أولوية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مثل الصحة، والتعليم، والزراعة، التي يمكن أن تساهم في تحسين حياة المواطنين، كما يعد التعاون مع القطاع الخاص أحد الحلول الأساسية لتحقيق هذا التوازن، حيث يمكن أن يسهم القطاع الخاص في توفير الموارد والخبرات اللازمة لتحقيق النمو التكنولوجي في هذه المجالات.

واختتم الحفناوي حديثه بالقول إن الأردن يمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن تحقيق هذه الطموحات يتطلب معالجة التحديات الراهنة، إذ يعتمد نجاح هذا التحول على تضافر جهود الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع الأكاديمي، بما يعزز الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة والابتكار الذي يلبي احتياجات المستقبل.