البستنجي لـ"أخبار الأردن": ترامب سيتعامل بمبدأ “الصفقات العقارية”

 

قال الكاتب والمتخصص في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إن مع عودة ترامب إلى المسرح السياسي، تتزايد التوقعات بأن موجة من "الفوضى الخلّاقة" قد تجتاح عدة دول، وإسرائيل ليست بمنأى عن هذا التيار، بل قد تكون إحدى المحطات الأكثر تضررًا. 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكتروينة أن سياسة ترامب في ولايته الأولى اتسمت بتركيزها على مبدأ "الصفقات العقارية"، إذ اعتمد في تعامله مع القضايا العالمية على نهج يتجنب الخوض في أصول النزاعات وجذورها التاريخية، مفضلًا التكيف مع الواقع القائم وميزان القوى الحالي، وفي الملف الفلسطيني، عالج ترامب القضية من منظور القوة الفعلية على الأرض، مُهملًا التاريخ المعقد والمتشابك للنزاع، وهو ما يعكس نظرية تُبرز مبدأ "الظروف المتغيرة" كبديل لمفاهيم "العدالة القائمة على الحقوق" و"العدالة الانتقالية". 

وبيّن البستنجي أن هذه النظرية تتحدى فكرة تصحيح الظلم التاريخي، معتبرةً أن الحاجات الآنية للمجتمع ومطالبه تشكل الأساس الأهم في عملية صنع القرار، ووفق هذا الطرح، يُصبح التطلع نحو المستقبل نهجًا يتجاوز الماضي، ما يؤدي إلى سياسات تركز على تحقيق أهداف راهنة بدلًا من محاولة استعادة توازنات سابقة.

ونوّه إلى أن خطورة هذا النهج تتضح حين يُطبق على مناطق ودول ذات تشابك تاريخي معقد وجذور سياسية متأزمة، مثل لبنان، إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، وقد يؤدي هذا التوجه إلى إشعال صراعات جديدة، حيث تُعتبر هذه المناطق بالغة الحساسية إزاء أي إعادة ترتيب قسرية للتوازنات، كما أن تعهد ترامب بإنهاء الحروب قد يعني ضغوطًا حاسمة لإنهاء النزاعات بصورة سريعة، بغض النظر عن السياقات التاريخية أو الحقوقية للأطراف، وهذا ما قد يُنتج مظالم جديدة، خصوصًا في ظل ضغوط تُمارس على نتنياهو لإنهاء الحرب من خلال فرض تسويات آنية. 

وذكر البستنجي أنه في حال قَبِلَ نتنياهو بهذه التسويات، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تفجير أزمات داخلية ذات أبعاد متعددة، منها إشكالية تجنيد الحريديم، والنزاع حول المحكمة العليا، والتوترات السياسية، وهو ما قد يُشعل الشارع الإسرائيلي في ظل انقسام عمودي آخذ بالتعمق، ومن هنا، يبدو أن إسرائيل قد تواجه مرحلة حرجة يتصدرها خطر الفوضى الداخلية.

أما أوكرانيا، فقد تجد نفسها في مواجهة ضغوط سياسية مماثلة، حيث ستتحول الحرب مع روسيا إلى اختبار داخلي يُجبر الحكومة على تقديم تنازلات قد تُضعف استقرارها، وفي ظل طبيعة الصفقات العقارية التي تركز على النتائج الآنية، قد تزداد الأزمات الداخلية الأوكرانية اشتعالًا، حيث ستُجبر الحكومة على اتخاذ خطوات غير شعبية لتلبية الشروط المفروضة عليها، ما يُهدد تماسكها وقدرتها على البقاء في مواجهة الضغوط المتصاعدة.