خبير يوضح لـ"أخبار الأردن" أمان مركز البيانات الوطني والثغرات
يُعد بناء مركز بيانات وطني مشروعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية يتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا محكمًا لضمان تحقيق الأهداف الوطنية في تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتوفير مساحة آمنة وفعّالة لتخزين وإدارة البيانات، وفقًا لما جاء على لسان خبير الأمن السيبراني وصفي الصفدي.
وأوضح الصفدي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المشروع يبدأ بتحديد أهدافه الاستراتيجية بوضوح، حيث يتعين أن يسهم المركز في تحسين الخدمات الحكومية، وتوفير منصة قوية تدعم الابتكار وتلبية احتياجات الدولة في إدارة البيانات، وأنه من الضروري في هذه المرحلة المبكرة تقييم الاحتياجات الحالية والمستقبلية، بما يشمل تحديد حجم التخزين والقدرات الحسابية التي سيتطلبها المركز في المستقبل؛ إذ يُسهم ذلك في بناء رؤية شاملة ومتكاملة تسهم في توجيه الجهود وتحديد الموارد المطلوبة.
الأمن والحماية عاملان حاسمان في اختيار الموقع
ودعا الصفدي إلى إجراء دراسة جدوى شاملة لتقييم التكاليف والفوائد المرتبطة بالمشروع، مع ضرورة وضع خطة زمنية مفصلة تشمل جميع المراحل الأساسية، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات، وتحديد الجدول الزمني لكل مرحلة لضمان اكتمال المشروع ضمن الإطار الزمني المحدد، مضيفًا أن اختيار الموقع المناسب هو خطوة أساسية أيضًا، حيث يجب أن يتوافر فيه البنية التحتية المطلوبة مثل مصادر متعددة للطاقة، واتصالات فائقة السرعة، وبنية احتياطية تضمن استمرار العمليات التشغيلية، ويشمل ذلك توفر الألياف الضوئية، ودعم شبكات الجيل الخامس، بالإضافة إلى اتصال فعال عبر الأقمار الصناعية، فالأمن والحماية عاملان حاسمان في اختيار الموقع، نظرًا لحساسية المعلومات التي سيتم تخزينها وإدارتها في المركز، ما يجعل من الضروري اختيار موقع يتيح مستوى عالٍ من الأمان والحماية.
أما من ناحية التصميم، أكد ضرورة أن يتم وفق أعلى المعايير العالمية مع التركيز على كفاءة استخدام الطاقة؛ حيث يعتبر تقليل استهلاك الطاقة من الجوانب الأساسية، لا سيما أن المركز سيعمل على مدار الساعة، ما يتطلب تقنيات مبتكرة تساهم في خفض التكاليف التشغيلية، وأنه يجب أن يتسم التصميم بالمرونة، بحيث يكون قادرًا على تحمل الكوارث الطبيعية والأعطال الفنية، مع مراعاة إمكانية التوسع مستقبلًا ليتمكن المركز من استيعاب المزيد من البيانات مع تطور الاحتياجات.
وأشار الصفدي إلى أنه ينبغي عند مرحلة البناء، تنفيذ جميع الأعمال الإنشائية وفقًا للتصميم المعتمد مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والسلامة لضمان استدامة التشغيل، وعقب اكتمال البناء، تأتي مرحلة تجهيز المركز بالمعدات الأساسية اللازمة لضمان سير العمل بكفاءة؛ إذ إن التجهيزات الأساسية تتضمن خوادم متقدمة لتخزين البيانات، وأجهزة النسخ الاحتياطي لضمان حفظ البيانات وحمايتها. وكذلك، يجب تجهيز المركز بأنظمة توجيه وتحويل بيانات ذات كفاءة عالية تتيح إدارة حركة البيانات بفاعلية، وضمان تشفيرها لحمايتها من التهديدات الأمنية.
منع محاولات الاختراق أو الهجمات السيبرانية
وللحفاظ على الأداء الأمثل، أوضح الصفدي أن المركز يجب أن يحتوي على أنظمة تبريد فعالة تعمل على ضبط درجة الحرارة، مع الأخذ في الاعتبار أن الموقع المختار يلعب دورًا كبيرًا في تقليل تكاليف التبريد، كما ينبغي أن يتضمن المركز أنظمة أمن وحماية متقدمة لمنع أي محاولات اختراق أو هجمات سيبرانية محتملة على المعلومات الحيوية.
وبعد اكتمال التجهيزات، تبدأ مرحلة التشغيل، التي تتطلب إدارة محكمة للمركز وضمان توافر الدعم الفني على مدار الساعة، حيث تُعد استمرارية التشغيل أمرًا بالغ الأهمية. ولتأمين البيانات من الفقد أو التلف، يجب تبني أفضل الأجهزة والممارسات لضمان النسخ الاحتياطي للبيانات بصورة منتظمة، وفقًا للصفدي، والذي أكد ضرورة بناء مركز خاص للتعافي من الكوارث يُخصص ليكون موقعًا بديلًا يمكن الاعتماد عليه في حالة وقوع كوارث طبيعية أو هجمات سيبرانية تهدد المركز الرئيسي، مما يضمن استمرار عمل الحكومة والمؤسسات الحيوية في أي ظروف غير متوقعة.
ولتحقيق ذلك، أشار الصفدي إلى أنه يتعين تجهيز مركز التعافي من الكوارث بموقع بعيد عن المركز الرئيسي، وببنية تحتية متكاملة تحتوي على مصادر طاقة احتياطية، وأحدث التقنيات التي تتيح استعادة العمليات الحيوية بأسرع وقت ممكن. إضافة إلى ذلك، يجب تطوير خطط طوارئ دقيقة تتضمن آليات الاستعادة وتوزيع الأدوار لضمان الاستعداد الكامل في جميع الظروف، مع إجراء اختبارات دورية على الخطط للتأكد من فاعليتها وجاهزية فرق العمل.
وبيّن أن التجارب العالمية تقدم دروسًا قيّمة يمكن الاستفادة منها في بناء مركز بيانات وطني، حيث تعد سنغافورة من الدول الرائدة في هذا المجال، فهي استثمرت بكثافة في البنية التحتية الرقمية، ما جعلها مركزًا ماليًا وتجاريًا عالميًا بفضل تطورها في هذا القطاع، ومن ناحية أخرى، الولايات المتحدة تمتلك أكبر عدد من مراكز البيانات حول العالم، وتستفيد من بنية تحتية متقدمة وبيئة تنظيمية ملائمة تحفز الاستثمار، بينما في الصين، يواصل الاقتصاد الرقمي نموه السريع، حيث تلتزم الحكومة ببناء مراكز بيانات ضخمة لتلبية احتياجات الأعمال والمواطنين المتزايدة في هذا المجال.
وحتّى تكتمل عملية بناء المركز بنجاح، رأى الصفدي أهمية تنفيذ خطة عمل شاملة تتضمن تشكيل فريق عمل متخصص يضم خبراء في تكنولوجيا المعلومات والهندسة والقانون، وإجراء دراسة جدوى اقتصادية تضمن تحقيق توازن بين التكاليف والفوائد، بناءً على ذلك، توضع خطة استراتيجية دقيقة توضح رؤية وأهداف المركز، ثم يأتي اختيار الموقع، يليه تصميم المركز وفقاً لأحدث المعايير، مع الحرص على تجهيز المركز بأحدث المعدات، وضمان صيانته بشكل دوري، وتشغيله بكفاءة عالية. ولتعزيز صورة المركز، يتعين تسويقه بشكل فاعل لجذب الشركاء والعملاء المحتملين، مما يسهم في تحقيق النمو المستدام.