تطورات مهمة في قطاع الطاقة (1-1)
سلامة الدرعاوي
ملف الطاقة في الأردن يسير ضمن مسار زمني متسارع، وذلك في ظل وجود مشاريع إستراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على مصادر مرتفعة التكلفة وتوسيع استخدام الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للطاقة.
وهذه التحركات ليست مجرد تحسينات للبنية التحتية، بل هي ضرورة فرضتها التحديات الاقتصادية وارتفاع أسعار الطاقة، مما يدفع الأردن نحو إستراتيجيات أكثر كفاءة واستدامة، وخاصة أن إيصال الغاز إلى المناطق الصناعية بات أمرًا محوريًا لتعزيز قدرة الصناعات المحلية على المنافسة وتحقيق وفرات مالية على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، افتتح وزير الطاقة صالح الخرابشة محطة الغاز الطبيعي في منطقة القسطل الصناعية، وهي إحدى المحطات الرئيسة في خطة إيصال الغاز الطبيعي إلى المناطق الصناعية، والمشروع يمكّن المصانع من الحصول على طاقة أقل تكلفة، ما يسهم بشكل مباشر في تعزيز إنتاجها وفتح فرص جديدة للتوسع والنمو في الأسواق، مع توفير فرص عمل إضافية للأردنيين.
قطاع الطاقة في الأردن يشهد تطورات إستراتيجية تعكس تحولات محورية في البنية التحتية والقدرات الإنتاجية، فهذه المشاريع تمثل دفعة قوية نحو تعزيز الاعتماد على الذات، وتحقيق الأمن الاقتصادي، وتنويع مصادر الطاقة.
ومع دخول عدة مشاريع غاز جديدة حيز التنفيذ سيصبح الأردن في موقع متقدم لتعزيز استقراره الاقتصادي وتوسيع شبكة الطاقة الوطنية.
مشاريع الغاز الجديدة بقيمة إجمالية تبلغ 1.7 مليار دولار بدأت بالفعل في التنفيذ، وستتصاعد وتيرتها وصولاً إلى ذروتها في عام 2025.
ومن أبرز هذه المشاريع مشروع تطوير حقل الريشة، حيث تسعى الخطة الإستراتيجية لرفع إنتاج الغاز من الحقل من 31 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى 50 مليونًا بنهاية 2024، بهدف الوصول إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميًا في عام 2030. ويتم العمل على حفر ما بين 55 و70 بئرًا لتحقيق هذا الهدف، ما يعزز من قدرة الأردن على تلبية احتياجاته المتزايدة من الطاقة.
وفي إطار تحسين البنية التحتية، سيتم إيصال الغاز الطبيعي إلى مناطق صناعية مهمة كالموقر، والروضة، والمفرق التنموية، بتمويل 70 مليون دولار، إذ إن هذا الربط سيضمن تزويد المدن الصناعية باحتياجاتها من الطاقة، مما يعزز جاذبية هذه المناطق للاستثمارات ويوفر دعامة قوية للصناعة الوطنية.
مشاريع توسعة أنابيب الغاز تهدف إلى زيادة القدرة الاستيعابية للخطوط القائمة من 967 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى 1100 مليون، مع خطط لزيادتها لاحقًا إلى 1350 مليونًا بحلول 2026، فهذه التوسعات تضع الأردن في موقع قوي لتحسين كفاءة النقل وضمان استدامة التزويد الطاقة على المدى الطويل.
افتتاح محطة الغاز الطبيعي المضغوط في منطقة الريشة في أيار 2024 يُعد نقلة نوعية في توفير الغاز للصناعات، حيث يفتح المجال لتطوير استخدامات أخرى للغاز الطبيعي، فهذه الخطوة تمثل بداية لعصر جديد من استخدام الطاقة النظيفة، وتوفر حلولاً اقتصادية بديلة للصناعة والنقل.
كما تشمل التطورات مشروع تطوير ميناء في الشيخ صباح الأحمد للغاز الطبيعي المسال بالتعاون مع شركة تطوير العقبة وشركة الكهرباء الوطنية، حيث يهدف المشروع إلى استبدال باخرة الغاز العائمة بوحدة تخزين، مما يخفض تكاليف التشغيل ويعزز كفاءة إنتاج الطاقة الكهربائية.
إلى جانب ذلك، تعمل شركة فجر الأردنية المصرية على إنشاء شبكات توزيع الغاز في عمان والزرقاء بنظام البناء-الملكية-التشغيل (BOO)، وهو جزء من الإستراتيجية الوطنية الممتدة حتى 2030، فهذه الشبكات ستساهم في تعزيز استخدام الغاز الطبيعي في مختلف القطاعات، ما يخدم رؤية الأردن نحو اقتصاد أكثر استدامة. تثبت هذه المشاريع أن قطاع الطاقة في الأردن في طريقه نحو مستقبل أكثر استقلالية وأمانًا، مستجيبًا للتحديات ومتطلعًا نحو تعزيز استقراره الاقتصادي والبيئي.