المغاربة لـ"أخبار الأردن": المنطقة تتجه نحو إعادة رسم نفوذ استراتيجي
تساءل الخبير العسكري محمد المغاربة، ما إذا باتت إيران على وشك استعادة دور "الشرطي الأمريكي للمنطقة" الذي اضطلع به نظام الشاه سابقًا.
وأوضح المغاربة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن فهم هذا الاحتمال يستدعي النظر في موقف إيران من الصراع الدائر حاليًا وقراءةً دقيقة لموقعها المستجد في خضم تحولات دولية وإقليمية غير مسبوقة، فالاختبار الحقيقي يكمن في سرعة ودرجة تدخل إيران المباشر في هذه الحرب، وإلا فقد يكون الواقع المراوغ هو أن تفاهمات عميقة بين أمريكا وإسرائيل وإيران أصبحت بالفعل أمرًا واقعًا، وبموافقة تامة بين الأطراف.
وبين المغاربة أن تداخل الحسابات والمصالح لا يخفي حقيقة واضحة؛ فالوقائع تشير إلى استحالة أن تدخل إسرائيل وأمريكا وإيران في حرب مدمرة فيما بينها من أجل قضايا العرب، ومصالحهم تبدو بعيدة عن أولويات تلك القوى، مشيرًا إلى أن تصريح نتنياهو بعد السابع من أكتوبر، بأن الحرب ستغيّر وجه الشرق الأوسط، لم يكن مجرد تعبير عن مشاعر لحظية، بل هو بيان يحمل أبعادًا تتجاوز ما يظهر على السطح، ويدل على استراتيجيات ذات أفق طويل الأمد.
وأشار إلى أن تسارع الدعم الغربي المطلق، والتمويل الهائل والمباشر لإسرائيل في الجوانب العسكرية، والسياسية، والإعلامية، والاقتصادية، كشف عن مستوى تنسيقٍ دولي غير مسبوق، يشير إلى أنه ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل الأمد.
ونوّه المغاربة إلى أن المسؤولين العرب والمتخصصين أدركوا أن هذه الاستعدادات والتحالفات لم تكن مجرد ردود أفعال عابرة، بل هي انعكاس لتحولات عميقة تم الإعداد لها مسبقًا، وقد تكون ناتجة عن إدراك الغرب بأن مكاسب التحالف مع إسرائيل، بالتوازي مع تقاسم النفوذ مع إيران، تفوق بكثير المكاسب المتوقعة من استمرار التحالف التقليدي مع العرب.
ولفت إلى أن الخيار الأنسب لأمريكا وإسرائيل قد يكون تقاسم النفوذ والثروات مع إيران، ما سيتيح لهما تحقيق أهداف مشتركة بسهولة أكبر، وربما تكون الخطوة القادمة هي إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية بتقسيم النفوذ: إيران من جهة، وإسرائيل وحلفاؤها من جهة أخرى، ولا يستبعد أن تكون إحدى الخطط المستقبلة هي خلق كيان فلسطيني جديد يمتد من طابا إلى العريش، على غرار "موناكو فلسطينية"، تحدّها من الشمال قناة غوريون كحاجز مائي طبيعي مع إسرائيل، ويأتي هذا جنبًا إلى جنب مع توجهات لإعادة رسم الحدود الديمغرافية بشرق غور الأردن عبر ترانسفير طوعي للضفة الغربية.
وتابع المغاربة قائلًا إن على المدى المتوسط أو البعيد، قد تتوسع المخططات باتجاه إضعاف وتقسيم الدول العربية الكبرى، بدءًا بمصر والسعودية، على نمط تفتيت السودان، مع الاحتفاظ للهلال الشيعي بامتدادٍ طائفي يمتد من إيران مرورًا بالعراق وسوريا حتى لبنان، ليصبح حاجزًا جغرافيًا ومذهبيًا يفصل بين النفوذ الإيراني والامتداد التركي الصاعد.
وحذّر من أن المنطقة تتجه نحو إعادة رسم نفوذ استراتيجي يجعل من الشرق الأوسط ساحة لتفاهمات جديدة، لا يكون العرب فيها سوى أطراف هامشية في ظل تكتلات دولية أكثر تأثيرًا.