غياب اليسار عن تشكيلة الأعيان


د. علي حياصات 
في الانتخابات النيابية الأخيرة، شارك اليسار الأردني عبر ثلاث قوائم عامة، لكنها لم تحقق النجاح في دخول مجلس النواب ولم يتمكن أي من مرشحيها من الفوز بمقعد نيابي واحد. وقد حصلت هذه القوائم على مجموع أصوات بلغ حوالي 72 ألف صوت ، وهو عدد ضئيل نسبياً بالمقارنة مع إجمالي عدد الناخبين. وهذه النتيجة لا تعبر بالواقع عن حجم اليسار في الشارع الاردني, بقدر ما تعبر عن ضعف التنظيم وسوء التخطيط لدى قيادات اليسار الاردني حاليا.
جاءت نتائج الانتخابات النيابية كمؤشر واضح على فقدان اليسار قدرته على التنظيم وحشد الأصوات ، وبالتالي غابت قيادت اليسار عن البرلمان. هذه النتيجة الانتخابية لم تكشف فقط عن حجم التأييد الشعبي المتراجع، بل أبرزت ضعف اليسار في بناء مشروع سياسي فاعل على الساحة السياسية الاردنية ، بسبب غياب القيادات الحزبية اليسارية الفاعله في داخل المجتمع الأردني.
نتائج الانتخابات ادت حكما الى غياب شبه كامل لليسار الاردني عن تشكيلة مجلس الاعيان الاخيرة , مما سيؤدي إلى فقدان اليسار لما تبقى له من حضور رمزي. ويعد هذا الغياب عن مجلس الأعيان تهديدًا إضافيًا، لأنه تسبب في حرمان تيار اليسار من موقع هام يتيح له المشاركة في صنع القرار والتأثير على السياسات العامة.
يواجه اليسار الأردني اليوم تحديات متعددة تعرقل قدرته على مواكبة تطلعات المجتمع، مما أسهم في تراجع دوره وتأثيره. ويعود ذلك إلى الفجوة المتزايدة بين خطابه التقليدي ومتطلبات المرحلة الحالية، التي تتسم بتعقيدات اقتصادية واجتماعية، إلى جانب ضعف تواصله الفعّال مع المواطن العادي. لذلك، يحتاج اليسار إلى إعادة هيكلة أطره التنظيمية وتحديث خطابه ليصبح أكثر ارتباطاً بالواقع، مما قد يمنحه فرصة لتقديم مشروع قادر على منافسة التيار الاسلامي في الأردن، ويعكس حجمه الحقيقي في الشارع الأردني، بما يسهم في تحقيق تحول سياسي واجتماعي إيجابي
ينبغي على قيادات اليسار الأردني الدخول في مرحلة نقد ذاتي عميق لمراجعة مواقفها وسلوكها السياسي والحزبي على الساحة الأردنية، والعمل على تطوير خطاب يتوافق مع متطلبات الواقع ويلبّي احتياجات المواطن الأردني بشكل مباشر. كما يتعين عليها إعادة هيكلة تنظيماتها لضمان توحيد الجهود، مما يمكّنها من بناء تياريساري مؤثر يكون له دور حقيقي على الساحة السياسية الاردنية.