ديلواني لـ"أخبار الأردن": تشيع سياسي ملاحظ في عمّان

 

أكد مدير مكتب صحيفة "اندبندنت عربية" طارق ديلواني ظهور مؤشرات تدل على تسلل ما يمكن أن يطلق عليه بـ"التشيع السياسي"، مضيفًا أن هذه الظاهرة ليست جديدة في المنطقة، لكنها جديدة إلى حد ما على المشهد الأردني.

وقال في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إن هناك بروزًا لبعض الشعارات والهتافات التي لم تكن مألوفة في الساحة الأردنية، ما أثار تساؤلات حول مدى تأثير التيارات السياسية الموالية لإيران في الداخل الأردني.

وبيّن ديلواني أن التشيع السياسي يعد مفهومًا يتجاوز الأبعاد الدينية العقائدية ويأخذ منحى سياسيًا إقليميًا يتماشى مع الأجندة الإيرانية في المنطقة، ولا يعني التشيع السياسي بالضرورة تحولًا في الانتماءات المذهبية أو التقرب إلى الطقوس الشيعية، بل هو ولاء سياسي يعكس اصطفافًا مع المشروع الإيراني الإقليمي، وهو مشروع طموح يسعى إلى تعزيز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط عبر دعم حركات وأحزاب وجماعات تدين بالولاء لطهران.
وذكر أن هذا الولاء السياسي لإيران يمثل خطرًا حقيقيًا على الأردن، لا سيما في ضوء العلاقات المتوترة التي تربط عمّان بطهران منذ عقود، فالأردن، بحكم موقعه الجغرافي والتحالفات الإقليمية التي ينتمي إليها، يُعتبر جزءًا من المحور السني الذي يتصدى لمحاولات التمدد الإيراني في المنطقة، كما أن الأردن يرى في التحركات الإيرانية محاولة لزعزعة استقرار الدول العربية وإضعاف النسيج الاجتماعي والسياسي من خلال تشجيع تيارات موالية لها في هذه الدول، ومنها الأردن.
وأشار ديلواني إلى أن تاريخ العلاقات الأردنية الإيرانية اتسم دائمًا بالبرود والفتور، فمنذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ظلت عمان تنظر إلى طهران بعين الشك والحذر، لا سيما مع محاولات إيران المستمرة لتوسيع نفوذها في المنطقة، وقد تجلت هذه المحاولات في تدخلاتها العسكرية والسياسية في العراق، وسوريا، واليمن، مضيفًا أن كل هذا يجعل الأردن يتوجس من أي اختراق سياسي أو أيديولوجي قد يحدث في نسيجه الوطني من قبل هذه التيارات.

ونوّه إلى إن أخطر ما في التشيع السياسي هو عدم اقتصاره على كونه مجرد ولاء عقائدي، بل هو ولاء يحمل في طياته دعمًا للمشاريع الإيرانية في المنطقة، وهذا الولاء قد يخلق انقسامات داخلية ويؤدي إلى استقطاب سياسي بين الأردنيين، حيث يمكن أن تنقسم الولاءات بين التيارات المؤيدة للمحور الإيراني والتيارات المؤيدة للتحالفات الإقليمية الأخرى التي تشارك فيها الأردن.

الحديث عن "التشيع السياسي" يعد خطرًا فعليًا، فالنفوذ الإيراني في العديد من الدول المجاورة للأردن، مثل العراق، وسوريا، ولبنان، يُظهر كيف يمكن لطهران أن تستغل الانقسامات الداخلية لتعزيز نفوذها، ومن خلال دعم حركات وجماعات سياسية موالية لها، تستطيع إيران بناء قواعد شعبية في هذه الدول تجعلها جزءًا من اللعبة السياسية الإقليمية، وهذا هو السيناريو الذي يجب أن تتجنبه الأردن، وفقًا لديلواني.

من هنا، فإن التساهل أو التغاضي عن تمدد التشيع السياسي في الأردن قد يؤدي إلى تعميق النفوذ الإيراني، ويهدد التوازنات الإقليمية للأردن ويؤثر على علاقاته مع حلفائه التقليديين، ومثل هذا التمدد لا يمكن السماح به في ظل التحولات الجارية في المنطقة، حيث أن النفوذ الإيراني يستخدم بشكل استراتيجي لخلق "قواعد ناعمة" من المؤيدين داخل الدول الأخرى، وهذا هو التحدي الذي يواجه صانعي القرار في الأردن، وهو كيف يمكن التعامل مع هذه الظاهرة المتنامية دون المساس بالنسيج الاجتماعي المتماسك في البلاد.