الشرفات لـ"أخبار الأردن": المرحلة تتطلب رجال دولة يتمتعون بالشجاعة والحزم

 

قدّم مدير مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب الدكتور سعود الشرفات، تحليلًا عميقًا للأحداث التي تشهدها المنطقة، بدءًا من غزة ولبنان وإيران، ووصولًا إلى الأردن.

هذا التسارع في الأحداث، وفقًا للشرفات، يضع المراقبين والمحللين في مأزق، إذ يفوق قدرتهم على المتابعة والتحليل بشكل فاعل، وما يزيد من تعقيد الصورة هو "السيولة" الكبيرة التي باتت تميز تدفق الأخبار عبر وسائل الإعلام المختلفة، ما يجعل من الصعب على المتابع العادي، بل حتى على الخبراء، التمييز بين الحقيقة والإشاعة.

عملية البحر الميت: تصعيد جديد واحتدام الصراع

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأحداث المتلاحقة ألقت بظلالها الكثيفة على الأردن خلال الأيام الماضية، وبلغت ذروتها في عملية البحر الميت، وتزايدت التساؤلات مع إعلان جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي تبني العملية، وهو ما أثار موجة من الجدل والقلق في الأوساط المحلية والدولية، ولكن الجماعة عادت سريعًا لتتنصل من المسؤولية، مدعية أن العملية كانت "عملًا فرديًا"، في موقف أقل ما يقال عنه إنه ارتباك واضح بين صفوف الجماعة ومحاولة للتنصل من العواقب السياسية التي قد تترتب على تبني هذا النوع من العمليات.

الإخوان وجبهة العمل في دائرة الاتهام

وبيّن الشرفات أن هذه العملية شغلت الساحة الأردنية والإقليمية والدولية خلال اليومين الماضيين في ظل الصراع المحتدم بالمنطقة، فالتهديدات الأمنية التي تواجهها مناطق الصراع الرئيسية، مثل فلسطين، ولبنان، وسوريا، تتقاطع بشكل خطير مع الأطراف المحيطة، ومنها الأردن، في هذا السياق الحساس، أبدى رئيس الوزراء الأردني الدكتور جعفر حسان موقفًا حازمًا وواضحًا خلال اجتماع مجلس الوزراء، حيث أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الأردن، تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، كان وسيظل المدافع الأكبر عن حقوق الشعب الفلسطيني، في وقتٍ لم تقدم فيه أي دولة دعمًا للفلسطينيين على مدى العقود الماضية كما فعل الأردن، الذي كان وسيبقى السند الحقيقي لقضيتهم العادلة، وبشكلٍ خاص، عندما يتعلق الأمر في حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم.

تأكيد هوية الأردن كمدافع عن حقوق الفلسطينيين

وفي ظل هذا الموقف الراسخ، شدد الشرفات على أن الأردن دولة متماسكة، محكومة بسيادة القانون ومؤسساتها القوية، منوهًا إلى أن هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة تتطلب اليقظة والانتباه لكل محاولات التأثير على وحدة واستقرار الأردن.

وأوضح أن التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين هو موقف وطني يشترك فيه جميع الأردنيين بدون استثناء، لكن، هناك فرق شاسع بين التضامن المشروع الذي يعبر عن مشاعر الأردنيين وبين التحريض الذي يعرض أمن الوطن للخطر ويهدد سلامة المواطنين.

توازنات الأمن الوطني في زمن الأزمات

وذكر الشرفات أن استقرار الأردن وسلامة شعبه يمثلان الأولوية القصوى للحكومة، وأن أي تهديد لهما سيكون مرفوضًا ومردودًا بحزم، مشيرًا على أن قوة هذا البلد ومنعته هما أيضًا قوة لصمود الشعب الفلسطيني، فاستقرار الأردن هو جزء لا يتجزأ من صمود الفلسطينيين في وجه التحديات الكبيرة التي يواجهونها.

تحديات الهوية الوطنية

ونوّه إلى أن هذه المرحلة تتطلب من الدولة اتخاذ خطوات حازمة أكثر من أي وقت مضى، لضمان الاستمرار في الحفاظ على الاستقرار، ومنع أي جهة من استغلال الظرف الإقليمي الراهن لزعزعة الأمن الداخلي.

وبالرغم من أن الدولة الأردنية ظلت ثابتة في مواقفها تجاه مختلف القضايا، إلا أن المتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة تفرض على الدولة أن تمتلك خطابًا سياسيًا واضحًا وقويًا، يمكن أن يقنع الناس ويوضح لهم حقيقة ما يجري، فمن غير المعقول أن يتركوا أمام مد الأخبار المزيفة، وبشكلٍ خاص عندما يتعلق الأمر بأحداث خطيرة مثل عملية البحر الميت، وفقًا للشرفات.

وأكد ضرورة أن تكون الدولة قادرة على إنتاج سردية متماسكة، تضع المواطنين في قلب الأحداث وتطلعهم على الحقيقة بشكل مستمر، فلا يجوز أن تترك الدولة الساحة الإعلامية فارغة، ويجب أن يكون هناك تدفق مستمر وموثوق للمعلومات من مصادر رسمية، حتى لا يقع المواطنون ضحية للتضليل الإعلامي أو الاستغلال السياسي.

الحاجة إلى قيادات حكيمة في زمن الفوضى

وفي ظل هذه الظروف، قال الشرفات إنه لا بد أن تتحلى الدولة بالحزم والجرأة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ضد الجهات التي تسعى لإثارة الفوضى والتحريض على الفتنة، مضيفًا أن هذه المرحلة تتطلب أن يكون هناك رجال دولة يتمتعون بالحكمة والشجاعة، ليقودوا الأردن نحو بر الأمان وسط هذه العواصف التي تضرب المنطقة.