الأردن؛ من تصدير الخامات إلى تصنيع منتجاتها على أرضنا، ما المطلوب لتحقيق ذلك؟
كتب أ.د. محمد الفرجات
يعتمد الاقتصاد الأردني بشكل كبير على تصدير الموارد الطبيعية مثل الفوسفات والبوتاس، وهما من أهم الثروات التي يزخر بها الأردن. ومع أن تصدير هذه المواد الخام يحقق إيرادات، فإن الفرصة الحقيقية تكمن في تصنيع هذه الخامات محليًا، بما يتيح تحقيق قيمة مضافة أكبر للاقتصاد. في هذا السياق، هناك جهود جادة وملموسة بدأت تؤتي ثمارها، مثل مشاريع التصنيع في مدينة العقبة التي تتضمن مصانع الأسمدة وحامض الفوسفوريك، إضافة إلى النجاح الذي حققته شركة البوتاس العربية بإقامة مصانع في العقبة لتطوير منتجاتها، ما يبشر بمرحلة جديدة من التصنيع المحلي.
الفرص الضائعة
رغم التقدم المحرز في بعض القطاعات، لا تزال هناك فرص ضائعة كبيرة في مجال تصدير الفوسفات والبوتاس خامًا. تحويل هذه المواد إلى منتجات نهائية، مثل الأسمدة أو المواد الكيماوية، يمكن أن يضاعف العوائد الاقتصادية ويزيد من فرص العمل. وفي حين أن هناك جهودًا قائمة، مثل مصانع الأسمدة وحامض الفوسفوريك في العقبة، إلا أن إمكانية توسيع هذه الصناعات لا تزال كبيرة.
1. صناعة الأسمدة: تعتمد صناعة الأسمدة في الأردن على الفوسفات كمادة أساسية. وقد شهدت العقبة تطورًا في هذا المجال مع وجود مصانع تصنع الأسمدة، وهو خطوة نحو تقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام وزيادة القيمة المضافة محليًا.
2. إنتاج حامض الفوسفوريك: يمثل إنتاج حامض الفوسفوريك من الفوسفات نموذجًا إيجابيًا للتصنيع المحلي، حيث يُستخدم هذا المنتج في العديد من الصناعات الكيميائية والزراعية. هذا التصنيع يعزز الاقتصاد ويضيف تنوعًا في استخدام المواد الخام.
3. نجاح شركة البوتاس: نجحت شركة البوتاس العربية في إقامة مصانع تابعة لها في العقبة، مما يعزز قدرتها على إنتاج منتجات كيماوية تعتمد على البوتاس بدلاً من تصديره خامًا. هذا النجاح يمثل خطوة متقدمة نحو تحويل الخامات إلى منتجات عالية القيمة محليًا.
فوائد التصنيع المحلي
1. زيادة العوائد الاقتصادية: تصنيع الفوسفات والبوتاس محليًا سيزيد من قيمة هذه الموارد بشكل كبير. بدلاً من تصدير المواد الخام بأسعار منخفضة، يمكن للأردن أن يبيع المنتجات المصنعة بأسعار أعلى، مما يساهم في زيادة الإيرادات الوطنية.
2. خلق فرص عمل: إنشاء المصانع في العقبة والمدن الصناعية الأخرى لتصنيع هذه الموارد سيساهم في خلق آلاف فرص العمل الجديدة. هذا الأمر سيقلل من معدلات البطالة ويزيد من دخل الأسر الأردنية.
3. التكنولوجيا والمهارات: التصنيع المحلي يتطلب استخدام تكنولوجيا حديثة، ما يعني تطوير مهارات القوى العاملة المحلية ورفع مستوى كفاءة الصناعات الأردنية.
4. تنويع الاقتصاد: من خلال توسيع قاعدة الصناعات التحويلية، سيقل اعتماد الاقتصاد الأردني على تصدير المواد الخام وسيصبح أكثر تنوعًا، ما يزيد من مرونته في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
التحديات
رغم هذه النجاحات، لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى معالجة لتحقيق تحول كامل نحو تصنيع الخامات محليًا:
1. التمويل والاستثمار: تطوير صناعات جديدة وتوسيع الصناعات القائمة يتطلب استثمارات كبيرة. جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية سيكون أمرًا حاسمًا لتطوير هذا القطاع.
2. البنية التحتية: الصناعات التحويلية تحتاج إلى بنية تحتية قوية، بما في ذلك مصادر الطاقة والمرافق اللوجستية. تحسين هذه البنية في المدن الصناعية، مثل العقبة، سيكون ضروريًا لدعم هذا التحول.
3. البحث والتطوير: لتحسين كفاءة الإنتاج وزيادة القيمة المضافة، يجب الاستثمار في البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي في مجالات مثل الكيمياء والهندسة الصناعية.
4. السياسات الحكومية: تشجيع السياسات الحكومية التي تحفز التصنيع المحلي ضروري. الحوافز الضريبية والتشريعية، إضافة إلى تبسيط الإجراءات القانونية للاستثمارات الصناعية، سيكون لها دور كبير في دعم التحول الصناعي.
بدأ الأردن في اتخاذ خطوات إيجابية نحو التحول من تصدير الفوسفات والبوتاس خامًا إلى تصنيعها محليًا في شكل منتجات ذات قيمة مضافة، مثل الأسمدة وحامض الفوسفوريك، بفضل الجهود التي تُبذل في العقبة. نجاح شركة البوتاس العربية في إنشاء مصانع تابعة لها هناك هو مثال آخر على هذا التحول الواعد. مع ذلك، ما زالت هناك حاجة لمزيد من الاستثمار والتخطيط الاستراتيجي لتحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الفرص الاقتصادية. التصنيع المحلي لا يعزز فقط العوائد المالية، بل يوفر أيضًا فرص عمل جديدة، ويعزز من قدرات الأردن التكنولوجية، ويدعم الاقتصاد الوطني بشكل أكثر استدامة.