المعايطة لـ"اخبار الأردن": الأردن لن يسمح لأي جماعة بأن تتصرف عسكريا

 

علّق وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة حول بيان جماعة الإخوان المسلمين بشأن حادثة البحر الميت، التي أُصيب فيها جنديان إسرائيليان على يد شخصين أعلنت الجماعة أنهما ينتميان لها.

وقال في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إن هناك أسئلة جوهرية وعالقة لا بد من الإجابة عليها، تثير العديد من التساؤلات العميقة التي تمس صميم العلاقة بين الدولة الأردنية والجماعة، وكذلك تتعلق بموقع الجماعة من القضايا الكبرى مثل قضية فلسطين، ودورها في الداخل الأردني.

الانتماء والشرعية: استفسارات حول هوية المنفذين

وأثار المعايطة تساؤلًا جوهريًا حول ما إذا كان هذان الشخصان ينتميان لجماعة الإخوان المسلمين فعلًا، وإذا كان الأمر كذلك، فما هو طبيعة هذا الانتماء؟، وهل هما من الأعضاء الفاعلين داخل الجماعة ويحظيان بغطاء ودعم رسمي من قياداتها؟، أم أن الأمر يتعلق بأفراد تأثروا بأيديولوجيا الجماعة أو اتخذوا من الشعارات الإسلامية التي ترفعها مبررًا لتصرفاتهم، دون أن يكون هناك توجيه مباشر أو قرار مؤسسي من الجماعة.

وقال المعايطة إنه إذا كان الانتماء ثابتًا، فإن السؤال الأكبر هو: هل ما جرى كان قرارًا عسكريًا من الجماعة؟، أي أن الحادثة جزء من استراتيجية عسكرية معتمدة لدى الجماعة، أم أن ما حدث هو تصرف فردي قام به هؤلاء بناءً على قناعاتهم الشخصية أو من خلال مبادرة فردية دون الرجوع إلى قيادة الجماعة؟

الإشكالية الداخلية: التأثيرات المحتملة للتوجهات الراديكالية

وأضاف أن هذا يجرنا إلى سؤال آخر لا يقل أهمية: هل هناك توجيه خفي داخل الجماعة يسمح بمثل هذه العمليات؟، بمعنى، هل يمكن أن تكون هناك تيارات داخل الجماعة تحمل أيديولوجية أكثر راديكالية أو ميلًا للعمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي قد تكون فيه القيادة الرسمية ملتزمة بخطاب سلمي وسياسي؟.

وبيّن المعايطة أن هذه الفرضية تعني أن الجماعة بحاجة إلى تقديم إجابات واضحة حول طبيعة خطابها الداخلي وآليات اتخاذ القرار، لأن الصمت أو الغموض قد يثير الشكوك حول ما إذا كانت هناك جهات غير رسمية أو خفية داخل الجماعة توجه الأفراد نحو مثل هذه العمليات.

التدخلات الخارجية: احتمالية الاختراقات من قوى أخرى

أما المسألة الثانية التي طرحها المعايطة، فتتعلق بالطرف الثالث المحتمل، وإمكانية حدوث اختراق للجماعة من قبل أطراف خارجية، سواء كانت من الداخل الأردني أو من الخارج، هدفها استغلال أفراد من الجماعة لتنفيذ أجندات تخدم مصالح هذه الأطراف، مردفًا أن هذا الاحتمال يفتح الباب أمام تفسيرات أوسع حول إمكانية وجود تحركات من قوى إقليمية أو دولية تسعى لاستغلال الوضع الحساس في الأردن والمنطقة، وتجيير بعض الحوادث لصالحها، ما يفرض على الجماعة أن تكون يقظة وحريصة على وحدة صفها الداخلي وتجنب اختراقها من أي طرف.

دور الإخوان في المشهد السياسي الأردني

وفي هذا السياق، أكد المعايطة موقف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن كمكون سياسي ذو تأثير تاريخي، وأنها كانت من أبرز المستفيدين من الانخراط في العملية السياسية الأردنية ودخول البرلمان، حيث استطاعت أن تجد لنفسها موطئ قدم كجزء من منظومة الدولة، مشيرًا إلى أن هذا الواقع يجعل مسؤولية الجماعة تجاه تقديم إجابات واضحة وجلية أمرًا ملحًا، لأن الاستمرار في الغموض أو عدم تقديم تفسيرات وافية قد يؤثر سلبًا على مصداقيتها وعلاقتها بالدولة والمجتمع.

حدود التصرف العسكري للجماعات

ومن ناحية أخرى، أوضح المعايطة أن الدولة الأردنية لن تسمح لأي تنظيم أو جماعة بأن تتصرف بشكل عسكري خارج نطاق الدولة، سواء كان ذلك تحت ذريعة الدفاع عن قضية فلسطين أو أي قضية أخرى، وهذه السياسة الوطنية تعتبر جزءًا أساسيًا من مبادئ الدولة الأردنية، حيث تحتكر الدولة وحدها القوة المسلحة وتقرير السياسات الدفاعية، منوهًا إلى أن محاولة استثمار الجماعة هذا الحادث لكسب تعاطف الرأي العام الأردني أو العربي، يعد خطوة محفوفة بالمخاطر، لأنها قد تضع الجماعة في مواجهة مع الدولة الأردنية، التي تلتزم بالتزامات دولية، وسياسية، وأمنية واضحة.

الأبعاد السياسية للإعلان: تحليل الدوافع والتأثيرات

هنا يأتي التساؤل الذي طرحه المعايطة حول دوافع إعلان الجماعة، فهل كان هذا الإعلان مجرد محاولة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية من خلال كسب تأييد شعبي، أم أن هناك دوافع أعمق تتعلق بمواقف الجماعة من النظام الأردني والدستور؟.

وحذّر المعايطة من أن الإعلان عن انتماء الشخصين المنفذين للحادثة للجماعة يترتب عليه تبعات خطيرة فيما يتعلق بعلاقة الجماعة بالدولة الأردنية، فأي إعلان أو تصرف يمكن أن يُفهم على أنه خروج عن المسار السلمي الذي التزمت به الجماعة لعقود قد يضعها في مواجهة مع المؤسسات الدستورية الأردنية، لذلك، فإن الدولة الأردنية تضع سيادتها واستقرارها فوق أي اعتبارات أخرى، ومن هذا المنطلق لن تسمح لأي جماعة أو تنظيم بأن يتخذ قرارات تتعلق بالأمن الوطني أو الأمن الإقليمي دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة، وبالتالي، الجماعة تواجه تحديًا في الحفاظ على علاقتها بالدولة في ظل مثل هذه الأحداث.

ورأى أن جماعة الإخوان المسلمين مطالبة بتقديم تفسير واضح وموقف صريح تجاه هذه الحادثة، لأنها تضع مستقبلها السياسي على المحك، كما تفتح الباب أمام إعادة النظر في علاقتها بالدولة والدستور، مضيفًا أن الجماعة التي استفادت من كونها جزءًا من النظام السياسي الأردني، لا يمكن أن تتحمل تبعات مثل هذه الحوادث دون تقديم إجابات وافية تبرئ موقفها أمام الدولة والشعب، وتحدد بوضوح دورها في المشهد السياسي الوطني والإقليمي.