المغاربة يحلل عبر "أخبار الأردن": يد الشهيد السنوار المصابة... مفتاح لفهم الوقائع الميدانية واللحظات الأخيرة (صور)

خاص

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن إصابة يد الشهيد القائد يحيى السنوار تعد مفتاحًا لفهم ما جرى في اللحظات الحاسمة التي قادته إلى السقوط شهيدًا، فإصابته تمثل في حد ذاتها خيطًا رفيعًا يربط بين مجموعة من المعطيات الميدانية والعسكرية التي، عند التدقيق فيها بعين الخبرة الفنية والميدانية، تقودنا إلى استنتاجات دقيقة وقريبة للغاية من الحقيقة.

وأوضح في تصريحٍ حصري لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن القاعدة العسكرية الذهبية التي تبقى سارية المفعول هي: "الخطأ الأول هو الخطأ الأخير"، وتلك القاعدة التي أضحت حتمية في مواجهة كالتي خاضها السنوار، حيث لا مجال للتراجع أو تصحيح المسار، وفي اللحظة التي تُخطئ فيها الحسابات، تكون النهاية حتمية، وقد تجسدت هذه النهاية في يد الشهيد المصابة، التي قدّمت لنا مفاتيح فهم أعمق للوقائع التي أدت إلى استشهاده.

الصور والفيديوهات المسربة: قراءة دقيقة للمشهد

وبيّن المغاربة أن الصور والفيديوهات التي سرّبها الجنود الإسرائيليون، ثم الفيديوهات الرسمية التي نشرها الجيش الإسرائيلي، بمثابة نافذة مفتوحة على تفاصيل استشهاد السنوار، وقد أظهرت تلك المواد المصورة العديد من التفاصيل الفنية والمادية التي تتكامل لتقدّم لنا تصورًا قريبًا من الحقيقة؛ إذ إن التدقيق في هذه الصور والفيديوهات، وبالاستناد إلى الخبرات العسكرية المتخصصة، يمكننا أن نرسم لوحة شبه مكتملة لما جرى.

وأشار إلى أن أولى هذه الحقائق تتمثل في تطابق المكان الذي استُشهد فيه السنوار مع الصور الملتقطة عبر الدرون؛ إذ يبدو بوضوح أن الموقع والأثاث المحيط بجثمانه بعد الاستشهاد يتطابقان تمامًا مع المشاهد التي التقطتها الطائرة المُسيَّرة قبل استهدافه، وكان الشهيد يجلس في وضعية مواجهة لمدخل الدرج المؤدي إلى المكان الذي كان يتحصن فيه، مترقبًا صعود جنود الاحتلال، ويظهر أنه لم يتحرك من مكانه الذي ظهر فيه في لقطات الدرون، ما يؤكد أنه لم يكن يتوقع أن يأتي الهجوم من جهة الطائرة، بل كان يترقب دخول الجنود من الأسفل.

الأمر الأهم هنا هو أن إصابة السنوار لم تكن إصابة عابرة، فقد كان مصابًا منذ فترة، كما يتضح من الفيديو، ويبدو أنه كان نازفًا وغير قادر على الحركة بشكل طبيعي، وكانت بندقيته على حضنه، موجهة نحو مدخل الدرج، بينما كان يمسك بقبضتها بيده اليمنى المصابة، التي أسندها إلى ذراع الكنبة التي كان يجلس عليها، في مشهد يؤكد أنه كان مستعدًا للمواجهة حتى اللحظة الأخيرة، رغم إصابته البالغة.


تحليل التوقيت وضوء الشروق: دلالات فنية وعسكرية

ولفت المغاربة الانتباه إلى أن التدقيق في توقيت اللقطات التي التقطتها طائرة الدرون، يتضح أن عملية الاستهداف لم تكن ليلًا كما يُشاع، بل وقعت مع بداية شروق الشمس، وتظهر أشعتها وهي تخترق المنزل وتُضيء تفاصيل المكان، مضيفً أن هذه المعلومة تدعم فرضية أن السنوار دخل إلى المنزل قبل شروق الشمس، بعد اشتباكٍ وقع فجرًا، وربما منذ أكثر من ساعة من لحظة استهدافه، وكان قد استقر على كنبتين متقابلتين، حولهما إلى سرير ليمد قدميه المصابتين، ويبدو أنه كان متهيبًا ومستعدًا لمواجهة حتمية كانت على وشك الحدوث.

الوضع الميداني: من كمين محكم إلى مواجهة قاسية

وقال إن الواقع الميداني الذي كان يعيشه السنوار في تلك اللحظات يشير إلى أنه كان وحيدًا في المنزل، ولم يكن قادرًا على إسقاط الطائرة المسيرة، وهذا يعني أن رفاقه الذين شاركوه في الاشتباك قد استشهدوا قبله في معركة وقعت خارج المنزل، وقد أكّد الجيش الإسرائيلي أنه كان يتعقب مسلحًا واحدًا فقط داخل المنزل، ما يشير إلى أن الشهيد السنوار كان يقاتل منفردًا في تلك اللحظات، وأن المعركة التي خاضها مع رفاقه قد وصلت إلى نهايتها المأساوية قبل دخوله إلى المنزل.

لكن أكثر ما يلفت النظر في الفيديو هو إصابة يد الشهيد اليمنى، فقد بدا واضحًا أنه كان قد وضع فوقها لفافة ضاغطة على عجل، في محاولة للحد من نزيفها. ورغم إصابته، إلا أنه ظل ممسكًا ببندقيته، في موقف بطولي يعكس شجاعة وإصرارًا منقطع النظير.

وذكر أن الفيديو يظهر محاولته التصدي للطائرة المسيرة بقطعة خشبية بيده اليسرى، بينما أبقى يده اليمنى ثابتة على بندقيته، مصوبة نحو مدخل الدرج، حيث كان يتوقع أن يأتي الهجوم البري من هناك.

اللحظات الأخيرة: استعداد للموت بشرف

ونوّه المغاربة إلى أن الصور المسربة لجثمان الشهيد، تظهر أن هناك قنبلة يدوية هجومية كانت في حضنه، جاهزة للاستخدام، وهذا يدل على أن السنوار كان مستعدًا للاشتباك حتى اللحظة الأخيرة، فقد كان متحصنًا خلف حافة جدار، ومراقبًا بدقة مدخل الدرج، وبندقيته كانت مصوبة بشكل دقيق، ويده اليمنى المصابة كانت لا تزال تمسك بالزناد، بينما كانت يده اليسرى جاهزة لإلقاء القنابل اليدوية في حال دخول الجنود.

وأردف أن هذا المشهد يوضح أن السنوار كان يعلم جيدًا أن استشهاده مسألة وقت، لكنه اختار أن يواجه جنود الاحتلال حتى آخر لحظة، معتمداً على ما تبقى له من قوة وقدرة.

 

إصابة اليد: مفتاح لفهم ما جرى في الاشتباك الأول

وقال المغاربة إن النظر في إصابة يد الشهيد، نجد أن هذه الإصابة لم تكن عشوائية، فقد أصيبت يده اليمنى تحديدًا، وهي اليد التي كان يمسك بها بندقيته، فمن المعروف في التكتيكات القتالية أن اليد التي تحمل السلاح وتطلق النار من فوق ساتر هي الأكثر عرضة للإصابة، لأنها تكون مكشوفة للعدو، ويبدو أن السنوار أصيب خلال الاشتباك الأول مع الوحدة الإسرائيلية، حيث كان يتحصن خلف جدار ويرفع بندقيته من فوق حافة نافذة لإطلاق النار، وهذا النوع من الإصابات يوحي بأن الاشتباك كان عنيفًا، وأن السنوار تعرض لنيران مباشرة من العدو أثناء إطلاقه النار.

إصابة بالصدفة أدت إلى مواجهة شرسة

وذكر المغاربة أن إصابة يد الشهيد وحالته في الفيديو الذي التقطته الدرون تقدم لنا تصورًا قريبًا من الواقع حول ما حدث في تلك الساعات الأخيرة، فقد خاض السنوار ورفاقه اشتباكًا داميًا منذ الفجر، وكانوا يخططون لتنفيذ كمين محكم للوحدة الإسرائيلية، بعد استطلاع دقيق وتحضيرات متأنية. ولكن مجريات الأمور انقلبت رأسًا على عقب، عندما أصيب السنوار "بالصدفة" في يده، ما أدى إلى انكشاف المجموعة وتحول الكمين من عملية صامتة إلى مواجهة شرسة.

في النهاية، اضطر السنوار إلى خوض مواجهة مباشرة مع جنود الاحتلال، مواجهة استأسد فيها حتى اللحظة الأخيرة، حيث نال الشهادة التي طالما تمناها.