أبو عوّاد يتناول عبر "أخبار الأردن" السردية الوهمية التي تروج لها إسرائيل

 

قال الصحافي الفلسطيني، المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عوّاد إنه لم يكن من المتوقع أن تستمر الحرب على قطاع غزة لنحو عام. فقد أظهرت أحداث السابع من أكتوبر بشكلٍ جليّ الوجه الوحشي لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه كشفت أيضًا عن قدرة الحكومة الإسرائيلية، بقيادة اليمين القومي والديني، على إنهاء ما يُعرف باستراتيجية الحروب الخاطفة والسريعة، والتوجه نحو الحروب الطويلة الأمد.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، وضمن ملفها: "عام على 7 أكتوبر"، أن الحكومة الإسرائيلية تمكنت من إقناع المجتمع الإسرائيلي بذلك، وأيضًا من تحييد المجتمع تدريجيًا، ما أسفر عن تآكل القيم الأساسية التي كانت تعتبر مهمة، مثل قيمة استعادة الأسرى وضرورة إبرام صفقات تبادل. مضيفًا أنها أثبتت نجاحها في ترسيخ المفاهيم القومية والدينية، متغلبةً بذلك على المفاهيم الليبرالية الصهيونية التي حكمت البلاد لعقود.

وبيّن أن هذا التحول الجذري يمثل نقطة محورية تجعلنا أمام سيناريو واحد فقط، وهو استمرار الحرب حتى انتصار إسرائيل الكامل من خلال القضاء على حماس وحزب الله، وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة، ما سيدفع جزءًا كبيرًا من سكانها إلى الهجرة، أو الهزيمة الإسرائيلية التي ستؤدي إلى تراجعها وعودتها إلى الداخل لإعادة ترتيب أوضاعها.

وأشار أبو عوّاد إلى أنه لا يوجد إمكانية للتوصل إلى اتفاق مؤقت أو لإيقاف الحرب بشكل كامل، وقد تحدث هدن مؤقتة لشهر أو شهرين، لكن السمة الأساسية ستكون استمرار الحرب. فبالنسبة للطرف الإسرائيلي، ترى الحكومة الحالية أن الحرب تمثل فرصة سانحة لتغيير وجه الدولة، فالحرب ليست موجهة فقط ضد حماس وحزب الله، بل ضد المجتمع الإسرائيلي الليبرالي الذي يمثل محور الاقتصاد ومؤسسات الدولة. كما أن الحرب على المجتمع الليبرالي، الذي يتمثل في تل أبيب والمحكمة العليا، تعتبر جزءًا من جهود نتنياهو واليمين الديني لتغيير معالم الدولة.

وقال إن عدم تحقيق إنجازات واضحة حتى الآن يعزز استمرار الحرب، فقد عجزت إسرائيل عن استعادة الأسرى أو القضاء على حماس أو حزب الله، ولا يزال الخطر قائمًا، ما يدفع نتنياهو للاستمرار في الحرب ضمن سياق مدروس بعيدًا عن الانفلات.

وبيّن أبو عوّاد أن شرائح المجتمع الإسرائيلي القادرة على الضغط لعدم إطالة الحروب أصبحت مغيبة اليوم، وهي لا تشعر بأنها جزء من الدولة، خاصةً مجتمع تل أبيب الذي كان تاريخيًا مؤثرًا في الاقتصاد والسياسة.

وذكر أن مشروع الصهيونية الدينية في الضفة الغربية مستمر في توسيع الاستيطان وحسم الصراع مع الفلسطينيين، بل من المحتمل أن يتم إعادة الاستيطان إلى قطاع غزة أيضًا، ما يعكس توجهًا جديدًا تجاه الصراع.

ولفت الانتباه إلى أن المجتمع الإسرائيلي اليوم مهيأ نفسيًا لاستمرار هذه الحرب، رغم عدم ثقته في نتنياهو كزعيم، إلا أنه يرغب في استمرار الحرب تحت قيادة شخصيات أخرى. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو وحزبه يحصلان على 50 مقعدًا، بينما المعارضة تمتلك حوالي 60 مقعدًا، مع 10 مقاعد للعرب.

أما على الجانب الآخر، فإن قوى المقاومة، وخاصة حماس، قد وصلت إلى مرحلة حرجة حيث ليس لديها ما تخسره، وفقًا لأبو عوّاد، مضيفًا أن الدمار الذي كانت تخشاه قد تحقق، وأعداد الشهداء ارتفعت إلى 55 ألف شهيد، الأمر الذي يعزز موقف المقاومة في التمسك بشروطها، لتتحول المقاومة تدريجيًا من تحقيق أهداف تكتيكية إلى استراتيجية طويلة الأمد تتمثل في حرب استنزاف ضد الاحتلال حتى انهياره.

بناءً على ذلك، لا أرى أي سيناريو آخر سوى استمرار هذه الحرب لفترة طويلة، حتى يرفع أحد الأطراف الراية البيضاء. وحتى في حال حدوث فترات من الهدوء أو التهدئة المؤقتة، ستظل هذه الفترات جزءًا من الحرب الطويلة التي ستستمر حتى تحقيق أحد الأطراف أهدافه، وفقًا لما صرّح به أبو عوّاد لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.