الأعور يشخّص لـ"أخبار الأردن" واقع ومستقبل المنطقة

 

قال أستاذ حل النزاعات الإقليمية والدولية الدكتور علي الأعور إن السابع من أكتوبر يمثل منعطفًا تاريخيًا فريدًا في مسار الصراع في الشرق الأوسط، إذ يُعد هذا اليوم من الأحداث المفصلية التي لا يمكن تجاهلها في أي حسابات سياسية أو استراتيجية مستقبلية.

وأوضح الأعور في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، وضمن ملفها "عام على 7 أكتوبر"، أن ما حدث في ذلك اليوم ليس حدثًا عابرًا، بل هو لحظة فارقة أعادت رسم ملامح المنطقة، وأسس لمرحلة جديدة من التحولات الجذرية في العلاقات الإقليمية والدولية.

وبيّن الأعور أن تداعيات السابع من أكتوبر لم تقتصر على ساحة معينة، بل امتدت لتعيد تشكيل التوازنات السياسية والعسكرية على مستوى المنطقة بأسرها، وقد يكون هذا اليوم قد أسهم في تحديد ملامح خارطة سياسية جديدة، إذ أفرز تحالفات إقليمية جديدة، أبرزها محور المقاومة، في مواجهة محاور أخرى، مضيفًا أن ما نشهده اليوم هو إرهاصات هذه التحولات الكبرى التي فرضتها قوة الواقع الجديد، مما يجعل من السابع من أكتوبر حدثًا لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات أو اتفاقيات قادمة.

تسوية سياسية متكاملة مع الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني

وأشار إلى أنه لا يمكن أن تظل القضية الفلسطينية مجرد ملف إقليمي ضيق، أو أن يُنظر إليها في سياق غزة أو الضاحية الجنوبية فقط، بل إن السابع من أكتوبر قد جعل من الواضح أن الحل السياسي الشامل أصبح ضرورة لا مفر منها، فالمنطقة باتت على شفا حرب إقليمية قد تتورط فيها إيران ودول أخرى، غير أن الفرصة قد تكون مواتية الآن لتبني تسوية سياسية متكاملة، تقوم على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية.

وذكر الأعور أن الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني، والذي تمثل في سقوط أكثر من 50 ألف شهيد، وإصابة 100 ألف آخرين، إضافة إلى تدمير قطاع غزة بشكل شبه كامل، لا يمكن أن يمر دون أن يترك بصماته على المشهد السياسي، وقد أصبحت الحاجة إلى اتفاق سياسي شامل أمرًا ملحًا، سواء فيما يخص غزة أو الضفة الغربية أو القدس الشرقية. والأمل معقود على حل الدولتين الذي نالت تأييد العديد من الدول الكبرى والمجتمع الدولي.

عملية "بنيامينا" زلزلت حكومة نتنياهو وأربكت الحسابات الإسرائيلية

وبيّن الأعور أن حزب الله تعرض لضربات موجعة، حيث اغتالت إسرائيل عددًا من قياداته البارزة، وعلى رأسهم حسن نصر الله، غير أن عملية "بنيامينا" الأخيرة، التي استهدفت قاعدة عسكرية حساسة في جنوب حيفا، حيث يتمركز لواء "غولاني" النخبوي، أظهرت قدرة حزب الله على توجيه ضربات نوعية مؤثرة، وهذه العملية، التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الجنود الإسرائيليين، زلزلت حكومة نتنياهو وأربكت الحسابات الإسرائيلية، مؤكدة أن حزب الله ما زال يحتفظ بقدرات عسكرية مهمة، رغم كل محاولات تقييده.

ومن اللافت أن حزب الله يركز في عملياته على استهداف المنشآت العسكرية، بينما يواصل نتنياهو استهداف المدنيين في غزة والضاحية الجنوبية، مما يفاقم من حالة الاحتقان ويعمق المأساة الإنسانية، وفقًا للأعور.

وصرّح بأن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة، بالتعاون مع الأردن وبعض الدول العربية، تهدف إلى تحقيق تهدئة شاملة ووقف إطلاق النار، وأن هذه التحركات ساهمت في تخفيف حدة التوتر، لا سيما فيما يتعلق بالتصريحات الإسرائيلية التي كانت تهدد باستهداف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية.

العودة إلى طاولة المفاوضات

وأكد الأعور أن هذه المعطيات تخبرنا بأننا على مشارف مرحلة جديدة من التفاوض السياسي، حيث من المتوقع العودة إلى طاولة المفاوضات، وربما نشهد تسوية شاملة تشمل إعادة إعمار غزة، وتفاهمات سياسية بين إسرائيل ولبنان، استنادًا إلى القرار الدولي 1701، وأن هذه التطورات قد تؤدي إلى استقرار نسبي في المنطقة، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوافق السياسي.