أمير مخول لـ"أخبار الأردن": هكذا تتجه إسرائيل أكثر نحو الهاوية

 

قال خبير الشؤون الإسرائيلية الفلسطيني، أمير مخول، إننا أمام حرب طويلة الأمد، وحتى وإن مر عام، ستظل نيرانها متأججة، ثقيلة الوطأة، واستعبادية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، وضمن ملفها "عام على 7 أكتوبر"، أن الأطماع الإسرائيلية لا تزال متسعة الأفق، وغير محدودة حتى هذه اللحظة، مضيفًا أن الادعاء الذي تروج له إسرائيل بأنها تخوض حربًا وجودية ما هو إلا بدعة صهيونية، تعكس في جوهرها العقيدة اليمينية الصهيونية التي تسعى لتبرير حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، وضد لبنان ككيان وشعب، وحزب الله بطبيعة الحال، وكذلك حماس في الساحة الفلسطينية، بل وأبعد من ذلك؛ إنها حرب على الكل الفلسطيني والكل اللبناني في هذه المرحلة.

إسرائيل تخوض حربًا تفوق طاقاتها وإمكاناتها

وبيّن مخول أن إسرائيل حتى هذه اللحظة لم تتمكن من تحقيق هدفها الأساسي المُعلن، وهو تغيير خارطة الشرق الأوسط وتشكيل النظام الإقليمي الجديد، كما صرّحت بذلك في السابع من أكتوبر الماضي، وعلى العكس، فإنها تبتعد يومًا بعد يوم عن هذا الهدف، مضيفًا أنها تخوض حربًا تفوق طاقاتها وإمكاناتها، مدفوعة بجنون العظمة والطموحات الاستعمارية، ولكن هذه الحرب مهما كانت ضراوتها لن تحقق النتائج التي تطمح إليها.

وأشار إلى أن الرهان الحالي هو محاولة توريط الولايات المتحدة، كقوة عظمى، في هذا الصراع الإقليمي، لكن ذلك أيضًا ليس مضمون النجاح، فالولايات المتحدة، مهما بلغت قوتها العسكرية، لا تملك القدرة على تغيير الوضع في المنطقة بالسهولة التي تتصورها، فالمنطقة لها خصوصياتها الجيوسياسية المعقدة، التي تجعل الهيمنة الأمريكية تحديًا حقيقيًا.

تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية هامشية

وعلى الصعيد الاستراتيجي، ذكر مخول أن هناك تراجعًا لنفوذ كل من إسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، دون تحقيق أية مكاسب واضحة، فإسرائيل الآن، وتحت غطاء الضجيج الذي تثيره حربها الواسعة على لبنان، والتهديدات المتكررة بحرب مع إيران، تسعى لتحويل قضية فلسطين إلى قضية هامشية، تُديرها كيفما تشاء، وأن الأحداث في مخيم جباليا وشمال غزة، حيث تُنفذ عمليات إبادة جماعية، تُعيد إلى الأذهان ما جرى في عام 1948، وفي ذلك الوقت، اعتبرت إسرائيل بقاء 56,000 فلسطيني في أراضي 48، الذين تحولوا فيما بعد إلى أكثر من مليون ونصف فلسطيني، خطأً استراتيجيًا كان ينبغي تصحيحه، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك، لا في حرب 1956 ولا في حرب 1967، بل صمد الفلسطينيون وثبتوا في أرضهم.

وذكر أن إسرائيل تحاول اليوم تفادي هذا "الخطأ" من خلال محاولات القضاء على الوجود السكاني الفلسطيني في شمال غزة، عبر خطة عسكرية تُعرف بـ "خطة الجنرالات"، التي أصبحت جزءًا من مشروع استيطاني طويل الأمد، تُشارك فيه الولايات المتحدة بشكل كامل.

تحويل شمال غزة إلى امتداد استيطاني ومينائي

وهذه الخطة تهدف إلى تمكين إسرائيل من السيطرة على شمال قطاع غزة، وتحويله إلى امتداد استيطاني ومينائي، ليصبح جزءًا من مشروع تجاري دولي ضخم يبدأ من الهند، ويوازي قناة السويس، مرورًا بإسرائيل، وصولًا إلى أوروبا، وهذا المشروع يحمل في طياته أبعادًا إمبريالية تسعى إسرائيل إلى فرضها على المنطقة، مع تحويل غزة إلى قاعدة لهذا المشروع الاستيطاني الكبير، كما صرّح مخول.

وقال إنه في المقابل، تسعى إسرائيل إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من غزة بشكل كامل، وتعود إلى الواجهة مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، مثل "خطة الحسم" التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين نحو الأردن، وخلق واقع جغرافي خالٍ من الوجود الفلسطيني في فلسطين، وإذا استطاعت إسرائيل تنفيذ ذلك، فإنها تسعى أيضًا إلى تحويل الأردن إلى "الوطن البديل"، وهو مشروع يهدد الأمن القومي الأردني، بل حتى يهدد الأمن القومي العربي بشكل عام.

العقيدة الاستعمارية ضد الشعب الفلسطيني

وتابع أن هذه المشاريع تعكس عقلية انتقامية متجذرة في الفكر الصهيوني، وهي تسعى لتغيير وجه المنطقة، إلا أن إسرائيل تفتقر إلى القوة اللازمة لتحقيق هذه الطموحات، مضيفًا أن السيناريو الأكثر احتمالًا هو استمرار ما نشهده حاليًا: حرب إبادة واستنزاف ضد الشعب الفلسطيني، في إطار مشروع تهجير قسري لم يختفِ يومًا من العقلية الإسرائيلية، ولكنه ليس قرارًا إسرائيليًا بحتًا، بل هو جزء من عقيدة استعمارية عميقة.

وأوضح أن إسرائيل عاجزة عن تحقيق أهدافها الكبرى، وستجد نفسها عاجلًا أو آجلًا تصطدم بالواقع، مستبعدًا حدوث صحوة داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، خاصة أن المعارضة الإسرائيلية تتسابق مع الحكومة على إظهار المزيد من التطرف والعدوانية، وهذا يعني أن إسرائيل تتجه أكثر نحو الهاوية، وليس نحو بناء استراتيجية متكاملة للخروج من أزماتها المتفاقمة.

الدولة العبرية عاجزة عن تحقيق نصر حاسم

وقال مخول إن الوضع في المنطقة يتجه نحو توتر كبير وشامل، ليس فقط مع إسرائيل، ولكن مع الولايات المتحدة أيضًا، ومع ذلك، ستظل المنطقة قائمة، ولن تُحقق المشاريع الإسرائيلية أو الأمريكية أهدافها المرجوة بسهولة، فحتى الآن، إسرائيل غير قادرة على الانتصار في هذه الحروب، وهناك تحليلات كثيرة، حتى من داخل إسرائيل، تؤكد أن الدولة العبرية عاجزة عن تحقيق نصر حاسم، سواء في غزة أو في لبنان، وهذا يرجع إلى طبيعة الصراعات الحديثة التي تميزها اللامساواة الكبيرة بين الأطراف المتصارعة.

في نهاية المطاف، الأزمة ستتفاقم بانتظار توحيد الصف الفلسطيني، الأمر الذي قد يفتح نافذة جديدة للمطالبة بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ورغم الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب الفلسطيني، فإن دفع هذا الثمن لا يعني أن المشروع الإسرائيلي قد انتصر، كما أن ما يحدث في لبنان لا يعني انتصار المشروع الصهيوني هناك، كما صرّح مخول لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.