البستنجي لـ"أخبار الأردن": تطور خطير قد يشعل مواجهة إقليمية كبرى

 

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي، إن هجوم حزب الله الأخير على معسكر تدريب تابع للواء "غولاني" في "بنيامينا"، جنوبي حيفا المحتلة، هو الأكبر والأكثر خطورة منذ بداية الحرب.

وأوضح البستنجي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن التحليل الدقيق لهذه العملية يظهر أنها انعطافة استراتيجية ستعمل على تصعيدٍ جديد في قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله، ووراء هذا التصعيد تقف إيران بكل ثقلها.

وذكر البستنجي أن هذا الهجوم يُمثل أول رد عملي على الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت مواقع الحزب خلال الأسابيع الماضية، ومن خلال هذا التصعيد، تسعى إيران وحزب الله إلى تغيير قواعد اللعبة وفرض معادلة جديدة على الأرض، بعد أن تبين لحزب الله أن محاولاته السابقة لاحتواء الهجمات الإسرائيلية دون تصعيد قد باءت بالفشل.

وبيّن أن تنفيذ هذه العملية جاء بعد تعيين القيادي في الحرس الثوري الإيراني العميد محمد رضا فلاح زاده، مشرفًا ومسؤولًا عن العمليات العسكرية لحزب الله، فهو يعد خبيرًا عسكريًا بارعًا وذو باع طويل في إدارة العمليات النوعية، إذ شغل سابقًا منصب نائب قائد فيلق القدس تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني.

وأشار البستنجي إلى أن هذا التعيين يمثل مؤشرًا قويًا على أن إيران قررت الانتقال من دعمها التقليدي لحزب الله إلى المشاركة المباشرة في إدارة العمليات على الأرض اللبنانية، وهو تطور لافت يُنذر بتوسع دائرة الصراع إلى مستوى جديد.

ونوّه إلى أن هذا التصعيد يأتي في توقيت حساس، إذ أن الضغوط التي تتعرض لها إيران من المجتمع الدولي بسبب برنامجها النووي تجعلها تسعى إلى استعراض قوتها العسكرية في المنطقة، ومن خلال حزب الله، أرسلت إيران رسالة واضحة إلى إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء بأنها مستعدة للرد على أي محاولة لاحتوائها أو تقويض نفوذها في لبنان وسوريا.

وقال البستنجي إن هذه الرسالة تمثلت في الهجوم على القاعدة العسكرية، وهو ما يعكس بوضوح فشل محاولات حزب الله السابقة في احتواء الهجمات الإسرائيلية دون تصعيد كبير، إذ يبدو أن القيادة الإيرانية توصلت إلى قناعة بأن الرد العسكري المباشر هو الخيار الأمثل لإعادة فرض قواعد الاشتباك بما يتناسب مع مصالحها الاستراتيجية.

ولفت النظر إلى أن الرد الأمريكي على هذا التصعيد لم يتأخر كثيرًا، إذ سارعت واشنطن إلى إرسال فريق تشغيل متخصص في نظام الدفاع الجوي "ثاد" إلى إسرائيل، ويُعد هذا النظام من بين الأنظمة الدفاعية الأكثر تطورًا في العالم، وقد تم نشره لحماية الأجواء الإسرائيلية من أي تهديدات مستقبلية، سواء من حزب الله أو حتى من إيران نفسها، مضيفًا أن هذه الخطوة الأمريكية تحمل تحذيرًا أي لإيران من مغبة الاستمرار في تصعيد الصراع في المنطقة.

ويمكن قراءة هذا التحرك على أنه رسالة ضمنية إلى كل الأطراف بأن الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني قد تتطور بشكل يصعب السيطرة عليه، وأن إسرائيل قد تلجأ في نهاية المطاف إلى رد عسكري شامل لن يقتصر على لبنان وحده، بل قد يمتد إلى العمق الإيراني، وفقًا للبستنجي.

وتابع أنه في ضوء هذه المعطيات، فستكون المنطقة مقبلة على مرحلة شديدة الخطورة، حيث تتدحرج الأوضاع نحو تصعيد غير مسبوق، وقد تشهد الأيام المقبلة تحولات دراماتيكية في مسار الصراع، خاصة إذا ما قررت إسرائيل الرد بقوة على العملية الأخيرة، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة شاملة في المنطقة.

وتساءل البستنجي إلى أي مدى ستتمكن القوى الإقليمية والدولية من احتواء هذا التصعيد ومنع انزلاقه إلى حرب واسعة النطاق؟، فما حدث لا يمكن النظر إليه على أنه مجرد هجوم باستخدام طائرة مسيّرة، بل هو إعلان رسمي من حزب الله وإيران بأنهما قد دخلا الحرب معًا بشكل فعلي ومباشر، وهذا يُعد تطورًا خطيرًا في الصراع القائم.

وحذر من أن الأيام المقبلة ستحمل معها الكثير من التحديات والمخاطر، مضيفًا أن على الجميع أن يدرك خطورة التصعيد الذي تشهده المنطقة اليوم، وقد يكون الشرارة التي تشعل فتيل مواجهة إقليمية كبرى.