تمكين المرأة في الأردن: تحديات الريادة وفرص التنمية المستدامة

 سمر الصوالحي

شهدت السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بتمكين المرأة في الأردن، حيث أصبح جزءًا أساسيًا من الجهود الوطنية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، يظل التساؤل قائمًا حول مدى استيعاب مفهوم الريادة ودور المرأة فيه، وهل تقتصر الريادة النسائية على إنشاء المشاريع الخاصة، أم أنها تمتد لتشمل تولي النساء مناصب قيادية في سوق العمل، سواء في القطاعين العام أو الخاص؟ وعلى الرغم من بعض التقدم المحرز، إلا أن الإحصاءات تشير إلى انخفاض نسبة تمكين المرأة من 18% إلى 14%، وفقاً لتقارير دائرة الإحصاء العامة مما يعكس تحديات تعرقل تحقيق تمكين شامل وفعّال للنساء.

تعد الريادة أكثر تعقيدًا من مجرد إنشاء الأعمال، إذ تتطلب بيئة تتيح للنساء التفوق في مجالات متعددة والتراجع في تمكين المرأة قد يكون نتيجة لسياسات غير كافية أو لتحديات اقتصادية واجتماعية تعوق تقدمهن في سوق العمل.

هذا الانخفاض يبرز الحاجة لمزيد من الجهود لتمكين المرأة بالشكل الكامل، حيث ما زالت العديد من القطاعات تعاني من نقص في دعم النساء للوصول إلى الريادة.

على الرغم من وجود العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى دعم تمكين المرأة اقتصاديًا، إلا أن الوصول إلى الريادة يواجه عقبات، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني النساء في هذه المناطق من قلة الفرص وضعف الدعم، بالإضافة إلى غياب خارطة طريق واضحة تمكنهن من تحقيق الريادة وحتى مع توافر بعض المنح وبرامج التمويل، فإن النتائج المرجوة لم تتحقق بالقدر المطلوب.

تعاون القطاعات المختلفة مثل الزراعة، السياحة، الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات (IT) يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تعزيز تمكين المرأة، إلا أن فعالية هذا التعاون في خلق بيئة ريادية للنساء لا تزال غير واضحة ويتطلب الأمر جهودًا متبادلة من البلديات والجهات ذات العلاقة لتوفير فرص متكافئة للنساء ودعم دورهن في تحفيز الاقتصاد.

على المستوى الحكومي، ما زالت السياسات المتعلقة بتمكين المرأة بحاجة إلى تطوير وتطبيق فعلي وعلى وزارة العمل والجهات المعنية أن تتبنى استراتيجيات طويلة الأمد لتعزيز مشاركة النساء في كافة القطاعات. ومن ناحية أخرى، تحتاج المناهج الدراسية في المدارس والجامعات إلى تحديث يتضمن مفاهيم الريادة والتمكين، مما يعزز من ثقافة الابتكار والتقدم لدى الفتيات منذ الصغر.

أحد التحديات الكبيرة في هذا السياق هو نقص الدراسات والإحصاءات التي تقيس مدى تقدم أو تراجع المرأة في مجال الريادة. بدون وجود بيانات دقيقة وأبحاث معمقة، يصبح من الصعب وضع خارطة طريق تضمن تحقيق تمكين شامل للمرأة في القطاع الريادي. هذه الأبحاث تمثل أساسًا ضروريًا لضمان استدامة الجهود المبذولة وتمكين المرأة من أن تصبح قوة دافعة للتغيير في المجتمع.

في الختام، ورغم التقدم الذي تحقق في تمكين المرأة في الأردن، إلا أن الطريق نحو تحقيق الريادة ما زال يتطلب مزيدًا من الجهود والتنسيق بين مختلف القطاعات لتحقيق ذلك، يجب أن يكون هناك متابعة دقيقة وقياس مستمر للنتائج، بما يضمن تعزيز دور المرأة الريادي ويسهم في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.