السياسات الاقتصادية والإدارية المتوقعة للحكومة الأردنية بقيادة دولة الدكتور جعفر حسان: قراءة من خلال كتابه "الاقتصاد السياسي الأردني"
المهندس رائد الصعوب
بعد أن كلف جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين دولة الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة وقيادة الفريق الوزاري للأربع سنوات القادمة، تبرز الحاجة الملحة للتعرف على رؤيته الاقتصادية والإدارية والسياسية. هذه الرؤية تتجلى في كتابه "الاقتصاد السياسي الأردني: بناء في رحم الأزمات"، الذي أعلنه قبل ثلاث سنوات، وكان موضوع ندوة هامة نظمّتها مؤسسة شومان الثقافية. في هذا المقال، سنستعرض الرؤى والتوجهات التي طرحها الدكتور حسان في هذا الكتاب، ونتعرف على ملامح السياسات المتوقعة لحكومته من خلال استعراض محتوى الكتاب وما تضمنته مداخلاته وردوده على استفسارات الحضور خلال تلك الندوة.
كتاب "الاقتصاد السياسي الأردني": رؤية شاملة للسياسات الاقتصادية
في الندوة التي شهدت الإعلان عن الكتاب، بدأ دولة الدكتور جعفر حسان حديثه بتسليط الضوء على جوهر رؤيته الاقتصادية، مؤكدًا أن الكتاب لا يخاطب النخب فحسب، بل يستهدف المواطن الأردني العادي. الهدف الرئيسي من الكتاب هو تعزيز التوافق بين المواطن والمسؤول حول القرارات والسياسات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة، حيث شدد على أن فهم المواطن لهذه السياسات هو أمر جوهري لنجاح أي إصلاح اقتصادي.
في حديثه عن الكتاب، أشار الدكتور حسان إلى أن الاقتصاد الأردني تأسس في بيئة مليئة بالأزمات، مما جعل الدولة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، خاصة في السنوات الأولى من تأسيسها. هذا النموذج الاتكالي، بحسب الدكتور حسان، لم يكن نتيجة تخطيط مقصود، بل نتاج الظروف الاقتصادية والسياسية التي فرضت نفسها على البلاد.
ملامح السياسات الاقتصادية المتوقعة
من خلال استعراض الكتاب، يتضح أن حكومة الدكتور جعفر حسان ستتجه إلى مواجهة القضايا الاقتصادية القديمة بعمق، مستندة إلى فهم شامل لطبيعة التحديات التي تواجه الأردن. أبرز هذه التحديات هو التحول من الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى نموذج اقتصادي يعتمد على الاستثمار والإنتاجية.
الدكتور حسان أوضح في الندوة أن الأردن بدأ منذ الثمانينيات بتنفيذ برامج إصلاحية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، تمثلت في الخصخصة وتقليل دور الدولة في الاقتصاد. ومع ذلك، فإن الأزمات المتكررة مثل الأزمة المالية العالمية في 2009، وأزمة الربيع العربي، وإغلاق الحدود مع سوريا والعراق، عطلت هذه الجهود وجعلت الاقتصاد الأردني يعود إلى حالته الاتكالية. بناءً على ذلك، يبدو أن حكومة الدكتور حسان ستسعى إلى استعادة زخم الإصلاحات السابقة من خلال تعزيز دور القطاع الخاص، ودفع عجلة النمو من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا.
الإدارة العامة: الإصلاح من الداخل
من الملاحظ أن الدكتور جعفر حسان يرى أن ضعف الإدارة العامة هو أحد الأسباب الرئيسية لتباطؤ الإصلاحات الاقتصادية في الأردن. تحدث في الكتاب عن أهمية إصلاح الجهاز الإداري للدولة، مؤكدًا أن الإدارة الفعالة هي الأساس لتحقيق أي أهداف اقتصادية. أشار إلى أن الجهاز الإداري في الأردن بحاجة إلى تحديث جذري ليواكب متطلبات المرحلة القادمة، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية والتواصل عن بُعد التي فرضتها جائحة كورونا.
إن هذا التركيز على الإدارة يبرز أن حكومته القادمة ستولي اهتمامًا خاصًا لإصلاح مؤسسات الدولة، من خلال تطوير القدرات الإدارية وتطبيق معايير الشفافية والكفاءة. إدارة الدولة ستكون محورية في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، مما يعني أن الوزارات ستتخذ خطوات ملموسة لتحسين الأداء وتخفيف البيروقراطية التي تعوق التنفيذ الفعال للسياسات.
الإصلاح السياسي رافعة أساسية للإصلاح الاقتصادي
من بين المحاور التي أكد عليها الدكتور حسان في الكتاب والندوة هو الترابط الوثيق بين الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي. وأوضح أن الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن تحقق النجاح المطلوب دون إصلاحات سياسية ترافقها، حيث إن الإدارة الجيدة والشفافة تتطلب بيئة سياسية تسمح بمشاركة المواطنين وتكفل حرياتهم، مما يعزز الثقة بين الحكومة والمجتمع.
بناءً على ذلك، من المتوقع أن تتبنى حكومة الدكتور حسان نهجًا يدفع نحو تعزيز الحياة السياسية في البلاد، من خلال تمكين المؤسسات الديمقراطية وتحفيز المشاركة المجتمعية في صناعة القرار. هذا الاتجاه سيخلق بيئة تفاعلية بين الحكومة والمجتمع، تدعم تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تعزز من إنتاجية البلاد وتحقق العدالة الاجتماعية.
السياسات الضريبية والعجز المالي: المعالجة الهيكلية
أحد أبرز القضايا التي ناقشها الكتاب هو النظام الضريبي في الأردن والعجز المالي المتزايد. يرى الدكتور حسان أن هذه القضايا تشكل تحديًا مستمرًا للاقتصاد الأردني، وأن معالجتها تتطلب إجراء إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين الكفاءة الضريبية وزيادة إيرادات الدولة. مع التركيز على تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، ستتجه الحكومة نحو تعزيز الإيرادات المحلية من خلال توسيع القاعدة الضريبية والحد من التهرب الضريبي، كما ستسعى لتقليل العجز المالي عبر ضبط النفقات الحكومية وزيادة الإنفاق الرأسمالي في مشاريع تنموية منتجة.
ردود الدكتور جعفر على استفسارات الحضور: تعزيز الثقة بين المواطن والحكومة
في ردوده على استفسارات الحضور، أكد الدكتور حسان أن التحدي الأكبر الذي يواجه الأردن هو بناء الثقة بين المواطن والحكومة. أشار إلى أن أحد أسباب فشل العديد من السياسات الاقتصادية في الماضي هو غياب التوافق بين الطرفين، وهو ما يتطلب تغييرًا جذريًا في كيفية تواصل الحكومة مع المواطنين وإشراكهم في القرارات.
كما شدد على أن أي تغيير حقيقي في النهج الاقتصادي يتطلب تضحيات على المدى القصير، لكن النتائج الإيجابية ستكون واضحة على المدى الطويل، إذا ما تم العمل بشفافية وتعاون. وهذا يتطلب من الحكومة الجديدة وضع سياسات واضحة تستند إلى أسس علمية وتنفيذها بحزم دون مماطلة.
الخاتمة: نحو مرحلة جديدة في الاقتصاد الأردن
استنادًا إلى ما قدمه الدكتور جعفر حسان في كتابه "الاقتصاد السياسي الأردني" وما طرحه في الندوة التي نُظمت لإطلاقه قبل ثلاث سنوات، يمكننا أن نتوقع أن حكومته ستتبنى رؤية طموحة وشاملة للإصلاح الاقتصادي والإداري والسياسي. ستركز الحكومة على تعزيز دور القطاع الخاص، وتحقيق النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في القطاعات الحديثة، وإصلاح الإدارة العامة، مع الحفاظ على توازن دقيق بين الاستقرار المالي والعدالة الاجتماعية.
المرحلة القادمة ستكون مليئة بالتحديات، ولكنها تمثل أيضًا فرصة تاريخية لإحداث تغيير حقيقي في النهج الاقتصادي الأردني، وتحقيق التنمية المستدامة التي تضمن مستقبلاً أفضل للمواطنين.
لا تفوت مشاهدة الفيديو الكامل للحصول على المزيد من التفاصيل والمعلومات القيمة. يمكنك مشاهدته عبر هذا الرابط:]
(https://youtu.be/pzntjIFXGI4?si=pXayRykvdUGebtsk).