الكتوت لـ"أخبار الأردن": اقتصاد الأردن أمام طريق مسدود والضرائب معول هدم

 

قال خبير الاقتصاد السياسي فهمي الكتوت، إن ارتفاع العبء الضريبي أوصل الاقتصاد إلى طريق مسدود، يتعذر معه تحقيق تغيير إيجابي في ظل السياسات السائدة.

وأكد الكتوت في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن السياسات الاقتصادية الحالية لم تعد قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة، وأن الاستمرار في هذه النهج سيؤدي إلى نتائج سلبية قد تتفاقم مع مرور الوقت.

وأضاف أن الحكومة قد تجد نفسها أمام خيارات محدودة للغاية؛ إما الاستمرار في الاقتراض، مع ما يحمله مخاطر مستقبلية على الاقتصاد الوطني، أو اللجوء إلى فرض المزيد من الضرائب، مع ما تتسبب به من تباطؤ اقتصادي مزمن.

الضرائب غير المباشرة جرعة قاتلة للاقتصاد

وأشار الكتوت إلى أن ضريبة الدخل قد حققت نجاحًا ملموسًا في زيادة الإيرادات الحكومية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تمكنت من تقديم دفعة إيجابية للخزينة العامة، إلا أن هذا النجاح محدود، فبقية الضرائب، غير المباشرة منها، والمرتبطة بالمبيعات، والكهرباء، والمحروقات، لم تقدم أي إسهامات تُذكر في تحسين الوضع الاقتصادي أو الموازنة العامة، واصفًا إياها بأنها "جرعة قاتلة" و"معول هدم" للاقتصاد؛ لأنها تفرض عبئًا كبيرًا على المواطنين ذوي الدخل المحدود وتساهم في تعميق الفجوة بين الشرائح الاجتماعية المختلفة.

ونوّه إلى أن هذه الضرائب، التي تشكل نحو 75% من الإيرادات الضريبية، قد أثقلت كاهل المواطن الأردني، وأدت إلى تراجع القدرة الشرائية وزيادة الركود الاقتصادي.

وأكد الكتوت أن الأردن يعاني من حالة "انسداد في الأفق الاقتصادي"، فالسياسات الانكماشية التي تبنتها الحكومات على مدار السنوات الأخيرة لم تؤدِ إلا إلى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل أكبر، فهذه السياسات تركز على تقليص الإنفاق وزيادة الإيرادات من خلال الضرائب، وهو أمر يزيد من ضغوط الحياة على المواطنين دون أن يقدم حلولًا مستدامة للأزمة.

مشاكل اقتصادية أعمق

ومن ناحية أخرى، تناول الكتوت قضية المديونية العامة التي تشكل أحد أبرز تحديات الاقتصاد الأردني، مشيرًا إلى أن معدل الزيادة في المديونية كان مستقرًا نسبيًا عند 2 مليار دينار سنويًا خلال السنوات الماضية، ولكن مع حلول عام 2023، شهدت المديونية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث زادت بما يقارب 3 مليارات دينار خلال عام واحد فقط.

وذكر أن هذا الارتفاع يعكس اعتماد الحكومة المفرط على الاقتراض كأداة لتمويل العجز في الموازنة، وهي استراتيجية لا يمكن أن تستمر على المدى البعيد دون التسبب في مشاكل اقتصادية أعمق.

وبيّن الكتوت أن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأردن اليوم تتطلب إعادة تقييم شاملة للسياسات المالية والاقتصادية، وينبغي على الحكومة البحث عن حلول جذرية تعتمد على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وتنويع مصادر الإيرادات بعيدًا عن الضرائب غير المباشرة التي تُثقل كاهل المواطنين.

وأوضح أن الأزمة التي يعيشها الأردن ليست مستعصية، ولكنها تتطلب إرادة سياسية قوية وإجراءات إصلاحية جريئة تعيد الثقة إلى الاقتصاد الوطني، وتضعه على طريق التعافي والاستدامة الاقتصادية.