الرواشدة: هذه هي خطوات وقاية الأردن من مخططات تستهدف وحدته
قال الكاتب الصحافي حسين الرواشدة إن الأردن منشغل تمامًا بحرب غزة، سواء من حيث المعركة الدبلوماسية التي خاضها أو من حيث تقديم دعم غير مسبوق للأشقاء في غزة والضفة الغربية.
وأوضح في حديثه إلى صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن هذه الحرب المفتوحة أثارت الكثير من القلق، فقد سخّر الأردن كل إمكانياته لدعمها، لكن مع مرور الوقت، أصبح هناك شعورًا بأن التركيز على الداخل قد تراجع قليلًا، وهو ما التفت إليه جلالة الملك، وقام بتوجيه الأنظار نحو الداخل من جديد، من خلال جولات المحافظات، والمخيمات، والبادية.
وبيّن الرواشدة أن الرسالة التي حرص الملك على إيصالها، والتي كررها في عدة مناسبات، كانت واضحة، وهي: "علينا أن نلتفت إلى الداخل"، فلا يمكن لأي دولة أن تساعد قضية، سواء في فلسطين أو غيرها، إن لم تكن قوية من الداخل، وبشكلٍ خاص من الناحية الاقتصادية.
ونوّه الرواشدة إلى أننا بحاجة ماسة إلى إنهاء حالة الشحن والتحريض الداخلي، فكل دولة تواجه حربًا، تقوم بتوحيد صفوفها حول مجموعة من القيم والأهداف المشتركة، والأردنيون اليوم بحاجة إلى التوافق على فكرة حماية الدولة وصمودها، حيث تكمن الخطورة في انقسام المجتمع على ذاته، وظهور ثنائيات وصراعات داخلية ليست في وقتها المناسب.
وأكد الرواشدة أهمية وضع مصالح الدولة الأردنية العليا أمام نصب أعيننا، والتكاتف لحمايتها، وأول ما يجب فعله هو التوافق على "سردية وطنية" موحدة، لأن الجميع يعلم أن الأردن كان ولا يزال مستهدفًا، والمرحلة الحالية من أخطر المراحل التي تمر بها المملكة، وبالتالي، يجب أن تكون هناك نقاشات عامة مفتوحة ومنضبطة، خاصة مع فوضى وسائل التواصل الاجتماعي التي تسيطر على الخطاب العام.
ومن هنا، تأتي أهمية النقاش الوطني داخل البرلمان، الذي يجب أن يتحول إلى منصة لتحديد المواقف من القضايا الكبرى، مثل التحالفات المحتملة ومستقبل الأردن في ضوء الحرب المستمرة، وفقًا له.
وأشار الرواشدة إلى أن موقف الأردن كان واضحًا منذ اليوم الأول، وهو أنه لن يكون ساحة للصراع، وأنه من الضروري أن نلتزم جميعًا بهذا الموقف، ونعمل على وقف الحرب.
وقال إنه لا بد من الوثوق بالدولة وحساباتها، خاصة في الملفات الخارجية، وأن أي محاولة للتشكيك في مواقف الدولة أو الانخراط في محاور أخرى قد تضعف الأردن في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة والتماسك.
حوار وطني حقيقي وموحد... وتفعيل دور الإعلام والنخب لتوجيه النقاش العام بشكل مسؤول وهادف
وبيّن الرواشدة أن الخطاب الملكي الذي يوجه فيه جلالة الملك توجيهات حاسمة، ويتبعه قائد الجيش بتحركات تؤكد على التزام الجيش بتلك التوجيهات، يحمل في طياته رسائل مهمة للأردنيين وللأطراف الخارجية، مضيفًا أن الأردن اليوم بحاجة إلى رفع معنويات الشعب الأردني ككل، ليواجه التحديات والأخطار بروح معنوية عالية، خاصة مع محاولات التضليل الإعلامي التي تهدف إلى خفض معنويات الأردنيين وإشاعة الخوف من احتمالات اجتياح إسرائيلي.
وأكد أن المسألة لا تتعلق فقط برفع المعنويات، بل أيضًا بتعزيز اللحمة الوطنية، حيث أثبت الأردنيون في جميع المواقف الحرجة أنهم يتوحدون في وجه الأزمات، والجبهة الأردنية اليوم هي أقوى مما يتصوره البعض، لكن الخطر الحقيقي يكمن في محاولات الاختراق الخارجي التي تستغل الطيبة الأردنية.
ونوّه إلى أن المسؤولية الوطنية تقع على الإعلام لتوحيد الخطاب الإعلامي للدولة، بحيث يكون خطابًا موحدًا ومسؤولًا، بعيداً عن الأجندات الخاصة أو التهويل غير المبرر، ويجب أن يكون هناك مطبخ إعلامي وطني يدير النقاش العام بشكل يضمن ضبط حركة الرأي العام وتوجيهه في الاتجاه الصحيح، بعيدًا عن محاولات التضليل أو الفوضى التي قد تسعى بعض الجهات الخارجية لزرعها في الأردن.
وأشار إلى أن الأردن اليوم، كما غيره من دول المنطقة، مستهدف بمشاريع طويلة المدى تتجاوز قضايا غزة أو حماس أو حزب الله، فنحن في قلب هذا الحدث الإقليمي المتصاعد، ما يفرض علينا مسؤولية كبيرة للتحرك بنفس الجدية التي يتحرك بها الجيش، خاصة أن التحديات التي تواجهنا ليست عادية.