الماضي لـ"أخبار الأردن": إسرائيل مستعدة لإحراج أمريكا على السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي

خاص

قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور بدر الماضي إن إسرائيل تتعرض لضغوط شديدة من حليفها الأساسي، الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن تحديد أهداف وحدود عملياتها العسكرية.

وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أحد الجوانب الأكثر أهمية في هذا السياق هو البعد النفسي؛ فإسرائيل تعتمد بشكل كبير على الحرب النفسية لخلق حالة من الارتباك الداخلي لدى أعدائها، وخصوصًا إيران، مضيفًا أن ما نشهده من صور وأحداث في جنوب لبنان هو أيضًا جزء من الرسائل السياسية الموجهة إلى لبنان في إطار هذه الاستراتيجية النفسية والدبلوماسية.

وأكد الماضي أن إسرائيل تسعى عبر هذه التحركات لتوجيه رسالة واضحة للعالم وللمنطقة، خاصة لإيران، بأنها من يملك زمام المبادرة في تحديد توقيت وأسلوب التصعيد، سواء كان ذلك في الأسبوع الحالي أو الأسابيع القادمة أو حتى بعد أشهر. في وقت اضطرت فيه إيران، التي كانت تلجأ عادةً لتكتيكات مشابهة، إلى الرد تحت ضغط كبير، دون أن تكون لديها النية في البداية لتصعيد المواجهة. إلا أنها وُضعت في زاوية ضيقة لم تجد مخرجًا منها سوى الرد، بعد أن وصلت حدة الأوضاع في لبنان وجنوبه إلى مستويات لم تعد تحتمل التجاهل.

ورغم هذا الرد، تدرك إيران تمامًا أنها تخسر تدريجيًا أوراقها الرئيسية في المنطقة، خاصةً في ظل الهجمات المتكررة على حزب الله، الذي يُعد ذراعها الأقوى في لبنان. ورغم أننا لم نصل إلى مرحلة الحرب البرية المباشرة، فإن الضربات الجوية المكثفة التي تستهدف قواعد حزب الله العسكرية تؤثر بشدة على الديناميكيات الاستراتيجية لإيران في المنطقة. فإيران تعلم أنها تمر بمرحلة حرجة، خاصةً في ظل تصفية قيادات بارزة في حزب الله، وهو ما يؤثر سلبًا على خططها الإقليمية، وفقًا للماضي.

وبيّن أنه في المقابل، هناك ضغط واضح من واشنطن على إسرائيل فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، لكن من غير المستبعد أن تتجاهل إسرائيل هذه الضغوط وتواصل العمل وفقًا لاستراتيجيتها. فلطالما وضعت إسرائيل خطوطًا حمراء واضحة، كما فعلت في الثمانينيات عندما دمرت المفاعل النووي العراقي، ومؤخرًا عندما ضربت منشآت في شمال شرق سوريا. وعلى الرغم من أن السلاح النووي قد يُنظر إليه كسلاح ردعي، لا هجومي، كما هو الحال مع دول مثل باكستان والهند وكوريا الشمالية، إلا أن إسرائيل لا تريد أن تمنح إيران حتى فرصة امتلاك هذا السلاح لزيادة نفوذها أو استخدامه كورقة ضغط في المفاوضات الإقليمية.

وأشار الماضي إلى أن إسرائيل تعتبر مسألة امتلاك إيران للسلاح النووي، ولو على مستوى الردع، تهديدًا كبيرًا لموازين القوى في المنطقة، وهو ما يدفعها للتصعيد في هذا الملف. وفي الوقت نفسه، تدرك إيران أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل في مواجهة أي تصعيد محتمل. فحتى لو اضطرت إيران إلى محاولة ضرب إسرائيل مجددًا، فهي تعلم أن الرد الأمريكي سيكون حاضرًا وحاسمًا. وبالتالي، يعتمد حجم الرد الإيراني على نوعية الأهداف التي ستستهدفها إسرائيل؛ إذا كانت الأهداف موجعة من حيث الرمز والقيمة، فقد يكون الرد الإيراني محدودًا أو غير موجود على الإطلاق.

وصرّح أن إسرائيل تدرك غياب رادع حقيقي يحد من تحركاتها في المنطقة، خاصةً في ظل الخمول الدولي تجاه ممارساتها الأخيرة، سواء في جنوب لبنان أو في ساحات أخرى. وهذا يمنح إسرائيل جرأة أكبر في تصعيد تحركاتها، فهي لا ترى أي مانع من الضغط على حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإحراجهم أخلاقيًا أمام العالم. فالولايات المتحدة دائمًا ما تحاول تسويق نفسها كمدافع عن القيم الأخلاقية، لكن استمرار إسرائيل في سياساتها العدوانية قد يضعها في موقف حرج أمام هذه المبادئ.